للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأصحابُه ومَن قال بقولهم في تفضيل البُدْن في الضحايا على الكِباش، وهذا موضعٌ اختلف فيه الفقهاء:

فقال مالكٌ وأصحابُه (١): أفضلُ الضحايا: الفحولُ من الضأن، وإناثُ الضأن خيرٌ من فُحول المَعْز، وفحولُ المَعْز خيرٌ من إناثها، وإناثُ المَعْز خيرٌ من الإبل والبقر. وحُجَّةُ مَن ذهب هذا المذهبَ قولُ اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: ١٠٧]. وذلك كبشٌ، لا جملٌ ولا بقرةٌ.

وروى مجاهدٌ وغيرُه، عن ابن عبَّاس، أنَّه سأله رجلٌ فقال: إني نذَرتُ أن أنحرَ نفسي. فقال: يُجزئُك كبشٌ سَمينٌ. ثم قرأ: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (٢).

وقال بعضُهم: لو علم اللَّهُ حَيَوانًا أفضلَ من الكبش لفدَى به إسحاقَ (٣). وضحَّى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بكبشَيْنِ أملحَيْن (٤)، وأكثرُ ما ضحَّى به الكِباش.

وذكَر ابنُ أبي شيبة (٥)، عن ابن عُليّة، عن ليث، عن مجاهد، قال: الذِّبحُ العظيمُ: الشاة.

حدَّثنا سعيدُ بنُ عثمان (٦)، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ دُحَيم، قال: حدَّثنا أبو


(١) ينظر: البيان والتحصيل لابن رشد ٣/ ٣٤٦ (مسألة أفضل الضحايا).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في مصنَّفه ٨/ ٤٦٠ (١٥٩٠٤)، والطبراني في الكبير ١١/ ١٨٦ (١١٤٤٣)، والبيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ٧٣ (٢٠٥٧٤) ثلاثتهم من طريق عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج القرشي، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عبَّاس. مجاهد: هو ابن جبر المكي.
(٣) هذا على قول من قال: إن الذبيح هو إسحاق لا إسماعيل، ومنهم الطبري في تفسيره، وقد تعقبه العلماء على ذلك، فينظر تعليق العلامة محمود شاكر يرحمه اللَّه على تفسير الطبري ففيه فوائد.
(٤) سلف بإسناد المصنِّف مع تخريجه أثناء شرح الحديث الموفي عشرين ليحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار.
(٥) كما في تفسير القرطبي ١٥/ ١٠٧، وأخرجه الطبري في تفسيره ٢١/ ٨٨ من طريق يعقوب بن إبراهيم الدَّورقي، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم ابن علية، به. ليث: هو ابن أبي سليم، ومجاهد: هو ابن جبر المكي.
(٦) هو النحويّ، وشيخه أحمد بن دحيم: هو ابن خليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>