للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدِّماءُ، ومَلَك كلُّ واحدٍ منهم ما كان قد ملكه قبلَ الإسلام من الرَّقيقِ الذين استرَقَّهم، وسائرِ الأموال، فما ملَكوه بالقَسْمِ في الجاهليّة أحقُّ وأولَى أن يَثْبُتَ من مِلْكِ الغَصْبِ والاسْتِرْقاقِ لمن كان حُرًّا (١).

وقال ابنُ وَهْبٍ: سألتُ مالكًا عن تفسيرِ حديثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما دارٍ أو أرضٍ قُسِمت في الجاهليّةِ، فهي على قَسْمِ الجاهليّةِ". فقال لي: هو كذلك، أيُّما دارٍ في الجاهليّةِ قُسِمت، ثم أسلَم أهلُها، فهم على قِسمَتِهم يومئذٍ، وأيُّما دارٍ في الجاهليّة لم تَزَلْ بأيدي أصحابها لم يَقتَسِموها حتى كان الإسلامُ، فاقتسَموها في الإسلام، فهو على قَسْم الإسلام. فقلتُ لمالكٍ: أرأيتَ النصرانيَّ يموتُ ويترُكُ ولدًا نصرانيًّا، ثم يموتُ، فيُسْلِمُ بعضُ ولَدِه قبلَ قَسْمِ ميراثِهم. فقال مالكٌ: ليس هذا من هذا في شيء، إنّما يَقْسِمُ هؤلاء، مَن أسْلَم منهم ومَن لم يُسلِمْ، على حالِ قَسْمِهم يومَ مات أبوهم (٢).

وقال إسماعيلُ بن إسحاقَ في كتاب "الفرائض" له: معنى هذا الحديث، واللهُ أعلم، أنّ أهلَ الجاهليّةِ كانوا يَقتَسِمون المواريثَ على خِلافِ فرائضِنا، فإذا اقتسَموا ميراثًا في الجاهليّةِ، ثم أسلَموا بعدَ ذلك، فهم على ما أسلَمُوا عليه، كما يُسْلِمُ على ما صار في يدِ كُلِّ واحدٍ منهم وحازَه من الغُصوبِ والدِّماء وغير ذلك، فكذلك كلُّ ما اقتسَموا من المواريثِ، فإذا أسلَموا قبلَ أن يُبرِمُوا في ذلك شيئًا، عَمِلوا فيه بأحكامِ المسلمين. وأمّا مواريثُ أهل الإسلام فقد استقرَّ حُكمُها يومَ مات الميِّتُ، قُسِمت أو لم تُقسَمُ، وهم فيها ما (٣) لم تُقْسَم على حسَبِ شَرِكَتِهم وعلى قَدْرِ سِهامِهم.


(١) الأم ٧/ ٢٣١.
(٢) تنظر المدونة ٢/ ٥٩٩.
(٣) في م: "فيما"، بدلًا من: "فيها ما".

<<  <  ج: ص:  >  >>