للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال إسماعيلُ: وأحسَبُ أهلَ الجاهليّةِ لم يكونوا يُعطُون الزوجةَ ما نُعطِيها، ولا يُعطُونَ البناتِ ما نُعطِيهنَّ، وربَّما لم تكنْ لهم مواريثُ معلومةٌ يعمَلُون عليها.

قال: وقد حدَّثنا أبو ثابتٍ، عن ابن القاسمِ، قال: سألْنا مالكًا عن الحديثِ الذي جاء: "أيُّما دارٍ قُسِمت في الجاهليّة، فهي على قَسْمِ الجاهليّةِ، وأيُّما دارٍ أدرَكها الإسلامُ ولم تُقسَمْ، فهي على قَسْمِ الإسلام". فقال مالكٌ: الحديثُ لغيرِ أهلِ الكتاب، وأمّا النصارى واليهودُ فهم على مَوارِيثِهم، لا يَنقُلُ الإسلامُ مَواريثَهم التي كانوا عليها (١).

قال إسماعيلُ: قولُ مالكٍ هذا على أنّ النصارَى واليهودَ لهم مَواريثُ قد تراضَوْا عليها وإن كانت ظُلْمًا، فإذا أسلَموا على ميراثٍ قد مَضَى، فهم كما لو اصطَلَحوا عليه، ثم يكونُ ما يَحدُثُ من مَواريثهم بعدَ الإسلامِ على حُكْمِ الإسلام.

حدَّثنا خلفُ بن قاسم، قال: حدَّثنا محمدُ بن أحمدَ بن كامل، قال: حدَّثنا أحمدُ بن محمدِ بن الحجَّاج، قال: حدَّثنا زيدُ بن البشرِ، قال: حدَّثنا ابنُ وَهْبٍ، قال: سمِعتُ الليثَ يقولُ في قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "ما كان على قَسْم الجاهليّةِ، فهو على قَسْمِ الجاهليّة (٢)، وما كان من قَسْمٍ أدرَكه الإسلامُ قبل أن يُقْسَمَ، فهو على قَسْمِ الإسلام"، أنّ ذلك يكونُ أبدًا في الإسلام، فلو أنّ نصرانيًّا هَلَك وترَك ولَدًا له نصرانيًّا، ثم أسلَموا جميعًا قبلَ القَسْم، قُسِم بينَهم الميراثُ على قَسْم مَواريث المُسلمين، ولو أنَّهم اقتَسَموا قبلَ أن يُسْلِموا لكانت مَوارِيثُهم على قَسْمِ الجاهليّة. قال: وإن أسلَمَ بعضُهم ولم يُسلِمْ بعضٌ، فإنَّ القَسْمَ بينهم على قَسْمِ الجاهليّة؛ لأنّهم إنّما وَرِثوه يومَ مات وهم على دينِهم.


(١) المدونة ٢/ ٥٩٩.
(٢) قوله: "فهو على قسم الجاهلية" لم يرد في الأصل، وهو ثابت في بقية النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>