للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مالكٌ والشافعيُّ وأبو حنيفة وأصحابُهم، إلى ألّا يُفطِرَ ذلك اليومَ بحال (١). وهو قولُ الزُّهريّ، ويحيى بن سعيد، والأوزاعيّ، وبه قال أبو ثَوْر.

واختلَفوا إن فعل، فكلُّهم قال: يقضي ولا يُكَفِّرُ.

ورُوِي عن بعض أصحاب مالكٍ أنَّه يقضي ويُكفِّر. وهو قولُ ابنِ كِنانة والمخزوميّ (٢)، وليس قولهُما هذا بشيءٍ؛ لأنَّ اللَّه قد أباح له الفطرَ في الكتاب والسُّنة، وإنما قولهُم: لا يُفطِرُ، استحبابًا لتمام ما عقَده، فإن أخَذ برخصةِ اللَّه، كان عليه القضاءُ، وأمّا الكفارةُ فلا وجهَ لها، ومَن أوجَبها فقد أوجَب ما لم يُوجبْه اللَّه.

ورُوِيَ عن ابن عمرَ في هذه المسألة: أنَّه يُفطِرُ إن شاءَ في يومِه ذلك إذا خرَج مسافرًا (٣).

وهو قولُ الشعبيِّ، وبه قال أحمدُ وإسحاق، قال أحمد: يُفطِرُ إذا برز عن البيوت. وقال إسحاق: يُفطِرُ حين يضَعُ رجلَه في الرَّحْل (٤). وهو قولُ داود.

وقال الحسنُ البصريُّ: يُفطِرُ في بيتِه إن شاءَ يومَ يريدُ أن يخرُجَ.

قال أبو عُمر: قولُ الحسن شاذّ، ولا ينبغي لأحدٍ أن يُفطِرَ وهو حاضر، لا في نظَرٍ ولا في أثر، وقد رُوِيَ عن الحسن خلافُ ذلك: ذكَر عبدُ الرزاق (٥)، عن مَعْمر، عمّن سمع الحسنَ يقول: لا يُفطِرُ ذلك اليومَ إلا أن يَشتدَّ عليه العطشُ، فإن خافَ على نفسِه أفطَر.


(١) ينظر: المدوّنة ١/ ٢٧٢، والأمّ للشافعي ٢/ ١١٢، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٢٤.
(٢) نقله عنهما ابن القاسم في المدوّنة ١/ ٢٧٢.
(٣) ينظر: المدوّنة ١/ ٢٧٣.
(٤) ينظر: مسائل الإِمام أحمد وإسحاق بن راهوية لإسحاق بن منصور الكوسج ٣/ ١٢٢١ المسألة (٦٩٢).
(٥) في المصنَّف ٢/ ٥٧٢ (٤٥٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>