للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال إبراهيم: لا يُفطِرُ ذلك اليوم (١).

واختلفوا في الذي يختارُ الصومَ في السفر، فيصومُ ثم يفطرُ نهارًا من غير عُذر؛ فكان مالكٌ يوجبُ عليه القضاءَ والكفّارة (٢)، وقد رُوِيَ عنه أنه لا كفّارةَ عليه. وهو قولُ أكثرِ أصحابه إلا عبدَ الملك، فإنه قال: إن أفطَر بجماع كفّر؛ لأنه لا يقوَى بذلك على سفَرِه ولا عُذْر له. وعلى ذلك مذاهبُ سائر الفقهاءِ بالحجازِ والعراق أنه لا كفّارةَ عليه (٣).

وروَى البُوَيطيُّ عن الشافعيِّ، قال: إن صحَّ حديثُ الكَديد، لم أرَ بأسًا أن يُفطِرَ المسافرُ بعد دُخوله في الصوم في سفره (٤).

وروَى المُزَنيُّ (٥) عنه كقول مالك؛ أنه لا يرَى الكفّارة على مَن فعل ذلك.

قال أبو عُمر: الحجّةُ في سقوطِ الكفار واضحةٌ من جهةِ النظر، لأنه متأوِّلٌ غيرُ هاتكٍ لحُرمةِ صومِه عندَ نفسه، وهو مسافرٌ قد دخل في عموم إباحةِ الفطر، ومن جهةِ الأثر أيضًا، حدَّثنا خلفُ بنُ القاسم، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بنُ جعفر بن الورد، قال: حدَّثنا عبدُ الرحيم بنُ عبد اللَّه بن عبد الرحيم البَرقيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بنُ يوسفَ التِّنِّيسيُّ، قال: حدَّثنا سعيدُ بنُ عبد العزيز، عن عطيةَ بن قيس، عن قزعةَ بن يحيى، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: آذنَنا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عامَ الفتح بالرَّحيل لليلتَين خلتا من رمضان، فخرَجنا صُوّامًا حتى بلَغْنا الكَديد، فأمرَنا


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٢/ ٥٧٢ (٤٥٠٦).
(٢) ينظر: المدوّنة ١/ ٢٧٢.
(٣) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢٠٨، وبداية المجتهد ٢/ ٦٤ لأبي الوليد محمد بن رشد ٢/ ٦٤، والمغني لابن قدامة ٣/ ١١٨.
(٤) ونصَّ على ذلك في الأم ٢/ ١١١ في رواية الربيع بن سليمان عنه، قال: "وفي كتاب غير هذا من كتبه: إلّا أن يصحَّ حديثٌ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حين أفطر بالكديد أنه نوى صيام ذلك اليوم وهو مقيمٌ".
(٥) في مختصره ٨/ ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>