للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستسقاءَ هو الاستغفار. قال: فقلَّدَتْنا السماءُ (١) قِلْدًا كلَّ خمسَ عَشَرة، حتى رأيتُ الأرنبةَ تأكلُها صِغارُ الإبل من وراءِ حِقاق العُرْفُط، قال: قلت: ما حِقاقُ العُرْفُط؟ قال: أبناءُ سنتَين وثلاث. قال: نصرٌ. قال الأصمعيُّ: الأرنبةُ شجرةٌ صغيرةٌ؛ يقول: فطالَت من الأمطار حتى صارَت الإبلُ كلُّها تَتناولهُا من فوق شجرِ العُرْفُط (٢).

ويُروَى هذا الخبرُ عن مُسلم المُلائيِّ، عن أنس بغيرِ هذا، قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسولَ اللَّه، أتَيْناكَ وما لنا صبيٌّ يَصْطَبح (٣)، ولا بعيرٌ يَئِطُّ، وأنشد:

أتَيْناكَ والعَذْراءُ يَدْمَى لَبانُها ... وقد شُغِلت أمُّ الصبيِّ عن الطِّفْلِ

وألقى بكَفَّيْه وخَرَّ اسْتِكانةً ... من الجُوع موتًا ما يُمِرُّ وما يُحْلي (٤)

ولا شيءَ مما يأكُلُ الناسُ عندَنا ... سِوى الحَنظَل العاميِّ والعِلْهِزِ الفَسْلِ (٥)

وليسَ لنا إلا إليك فرارُنا ... وأين فِرارُ النّاسِ إلا إلى الرُّسْلِ


(١) قوله: "قلَّدتنا السماء" أي: مطَرَتنا لوقتٍ معلوم، مأخوذٌ من قِلْد الحُمّى، وهو يوم نوبتها. والقَلْد: السَّقي، يقال: قلّدت الزرع: إذا سقيته. (النهاية في غريب الحديث ٤/ ٩٩).
(٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣/ ٣٢٠ من طريق عبد اللَّه بن عمر بن حفص، به. مختصرًا ودون قصة الأصمعي. وإسناده ضعيف لضعف عبد اللَّه بن عمر بن حفص.
(٣) قوله: "وما لنا صبيٌّ يصطَبِحُ" أي: ليس عندنا لَبَن بقدر ما يشربُه الصبيُّ بُكْرةً؛ من الحدْب والقحط، فضلًا عن الكبير. (النهاية في غريب الحديث ٣/ ٦).
(٤) قوله: "ما يُمِرُّ وما يُحْلي" أي: ما ينطق بخيرٍ ولا شرٍّ من الجوع والضعف. (النهاية في غريب الحديث ٤/ ٣١٦).
(٥) العِلْهز: دم يابسٌ يُدقُّ به أوبار الإبل في المجاعات ويؤكل. والفسْل: الرديء والرَّذْل من كل شيء. (تهذيب اللغة للأزهري ٣/ ١٧١ و ١٢/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>