للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومثلُ هذا في القرآن كثير، قد أتينا عليه في بابِ ابن شهابٍ في حديث التَّنزُّل (١)، وفيه ردٌّ على المُعتزلة، وبيانٌ لتأويل قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥]. ولم يَزل المسلمون في كلِّ زمانٍ إذا دَهَمَهُم أمرٌ، وكَرَبَهُم غمٌّ، يرفَعونَ وجوهَهُم وأيديَهُم إلى السماء، رغبةً إلى اللَّه عزَّ وجلَّ في الكَشْفِ عنهم.

حدَّثنا أحمدُ بنُ عمر، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بنُ محمد، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ خالد، قال: حدَّثنا عليُّ بنُ عبدِ العزيز، قال: حدَّثنا أبو عُبيد، قال: سمِعتُ ابنَ عليّة يحدِّثُ، عن سعيدٍ الجُرَيْريِّ، قال: حُدِّثتُ أن أبا الدرداءِ ترَك الغَزوَ عامًا، فأعْطَى رجلًا صُرَّةً فيها دراهم، فقال: انطلِقْ، فإذا رأيتَ رجلًا يسيرُ من القوم ناحية، في هيئتِه بَذاذةٌ، فادفَعْها إليه. قال: ففعل، فرفَع رأسَه إلى السماء وقال: اللهمَّ لم تَنسَ حُدَيْرًا، فاجعلْ حُدَيْرًا لا يَنْساك. قال: فرجَع الرجلُ إلى أبي الدرداء فأخبَره، فقال: وَلي النعمةَ ربُّها (٢).

وقد مضى في هذا المعنى ما فيه كفايةٌ وبيانٌ في باب ابنِ شهاب، عن أبي عبدِ اللَّه الأغرِّ وأبي سَلَمة، من هذا الكتاب (٣) (٤).


(١) وهو في الموطأ ١/ ٢٩٣ (٥٧٠) عن محمد بن شهاب الزُّهري، عن أبي عبد اللَّه الأغرّ، وعن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ينزل ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماء الدنيا" الحديث. وهو الحديث الثامن لابن شهاب، وقد سلف في موضعه.
(٢) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٤٤٢٦)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق ١٢/ ٢٤٢، وابن الأثير في أسد الغابة ١/ ٤٦٥، وعمر بن أحمد العقيلي المعروف بابن العديم في بغية الطلب في تاريخ حلب ٥/ ٢١٤٢ - ٢١٤٣، أربعتهم عن أبي عبد الرحمن السُّلمي عن أبي الحسن الكارِزيّ، عن علي بن عبد العزيز البغويّ، به.
(٣) سلف في الموضع المشار إليه قريبًا.
(٤) جاء في حاشية الأصل: "بلغت المقابلة بحمد اللَّه وحسن عونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>