للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهبُ الشافعيِّ في هذا الباب كمذهب مالك؛ في المنبر بالمدينة، وبينَ الركن والمقام بمكةَ في القَسامةِ واللِّعان، وأما في الحُقوق، فلا يحلِفُ عندَه عند المنبَر في أقلَّ من عشرينَ دينارًا (١).

وذكَر (٢) عن سعيدِ بن سالم القَدّاح، عن ابن جُريج، عن عِكْرمةَ، قال: أبصر عبدُ الرحمن بنُ عوف قومًا يحلِفون بينَ المقام والبيت، فقال: أعلى دم؟ قيل: لا. قال: أفعلَى عظيمٍ من الأمر؟ قيل: لا. قال: لقد خشيتُ أن يتهاونَ الناسُ بهذا المقام.

هكذا رواه الزَّعْفرانيُّ، عن الشافعيِّ: يتهاونَ الناس. ورواه المزنيُّ والربيعُ في كتاب اليمين مع الشاهد، فقالا فيه: خَشِيتُ أن يَبْهأَ الناسُ بهذا المقام (٣). وهو الصحيح عندَهم. ومعنى: يبهأُ: يأنسُ الناسُ به، يقال: بَهَأتُ به؛ أي: أنِسْتُ به (٤). ومنبرُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في التعظيم مثلُ ذلك؛ لما ورد فيه من الوعيدِ على مَن حلَف عندَه بيمينٍ آثمةٍ، تعظيمًا له.

ودكَر (٥) حديثَ مالك، عن هاشم بن هاشم، وحديثَ مالك (٦)، عن داودَ بن


(١) نصَّ على ذلك في الأمّ ٦/ ٢٧٨.
(٢) يعني الشافعيَّ في الأم ٧/ ٣٦ عن مسلم بن خالد الزنجي وسعيد بن سالم القداح معًا، به. وإسناده منقطع. فإن عكرمة: وهو ابن خالد بن العاص المخزومي لم يسمع من عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه كما ذكر أحمد بن حنبل فيما نقل عنه ابن أبي حاتم في المراسيل، ص ١٥٨ (٢٩٨)، والعلائي في تحفة التحصيل، ص ٢٣٢.
(٣) كما في شرح السُّنة للبغوي ١٠/ ١٤٤، والبدر المنير لابن الملقِّن ٩/ ٦٩٧ دون ذكر من رواه عن الشافعي.
ورواية المزنيّ في مختصره ٨/ ٤١٧، ورواية الربيع بن سليمان المرادي عند البيهقي في الكبرى ١٠/ ١٧٦ (٢١٢٠٩) ولكن بلفظ: "أن يتهاون" بدل "أن يَبْهأ" كما ذكر المصنِّف رحمه اللَّه!
(٤) قاله أبو عبيد القاسم بن سلّام في غريب الحديث له ٤/ ٤٧٣.
(٥) يعني الشافعيَّ في الأمّ ٧/ ٣٧ - ٣٨.
(٦) وهو في الموطأ ٢/ ٢٧٠ (٢١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>