للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبدِ اللَّه بنِ الشِّخِّير، عن أبيه، قال: أتيتُ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يُصلِّي ولجوفِه أزيزٌ كأزيز المِرْجَل. يعني: من البكاء.

واختلَف الفقهاءُ في الأنين في الصلاة؛ فقال مالك: الأنينُ لا يقطعُ الصلاةَ للمريض، وأكرَهُه للصحيح.

ورَوَى ابنُ عبدِ الحكم، عن مالك: التَّنَحْنُحُ والأنينُ والنفْخُ لا يقطعُ الصلاة. وقال ابنُ القاسم: يقطَعُ (١).

وقال الثوريُّ: أكرَهُ الأنينَ للصحيح (٢).

وقال الشافعيُّ: إن كان له حروفٌ تُسمَعُ وتُفهَمُ قطَع الصلاة (٣).

وقال أبو حنيفة: إن كان من خوفِ اللَّه لم يقطَعْ، وإن كان من وجَعٍ قطَع. ورُوِي أبي يوسفَ أن صلاتَه تامةٌ في ذلك كلِّه؛ لأنه لا يخلُو مريضٌ ولا ضعيفٌ من الأنين (٤).

قال أبو عُمر: في حديثِ هذا الباب مع حديث ابن الشِّخِّير دليلٌ على أنّ البكاءَ لا يقطَعُ الصَّلاة، وهذا ما لم يكنْ كلامًا تُفهَمُ حُروفُه، ولم يكنْ رياءً (٥) وعَبَثًا، وكان من خشْيَة اللَّه، أو فيما أباحَه اللَّهُ تعالى وجلَّ، وبه التوفيق (٦).


(١) المدوّنة ١/ ١٩٤.
(٢) نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٠٩، وينظر: الأوسط لابن المنذر ٢/ ٤٢٨ - ٤٣٠.
(٣) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٣٠٩، والمجموع شرح المهذّب للنووي ٤/ ٧٨ - ٨٠.
(٤) نقله عنهما الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٠٩.
(٥) كتب في الأصل: "ضعفًا" ثم ضرب عليه وكتب في الحاشية: "رياءً" وصحّح عليه.
(٦) كتب الناسخ في حاشية الأصل: "بلغت المقابلة بحمد اللَّه وحسن عونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>