للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَعيبُهنَّ بذلك، كلامًا خرَج على غضب لاعتراضِهنَّ له، وهُنَّ أمهاتُ المؤمنين وخيرُ نساءِ العالمين، رضي اللَّهُ عنهن. وكذلك قولُ حفصةَ لعائشة: ما كنتُ لأُصيبَ منك خيرًا. خرَج على جهةِ الغضب عليها؛ لأنها عرَّضتْها لِمَا كرهَه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منها من القول، فلِقيَت من رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما لا يَسُرُّها من إنكارِه عليها وانتهارِها، فرجَعت تلومُ عائشة، إذ كانت سببَ ذلك، وهذا كلُّه موجودٌ في طباع بني آدم، وإذا كان ذلك في أولئك فغيرُهم أحرَى بأن يُسامَحَ في ذلك وشِبهِه؛ وباللَّه التوفيق.

حدَّثنا خلفُ بنُ القاسم وسَلَمةُ بنُ سعيدِ بنِ سَلَمة، قالا: حدَّثنا الحسنُ بنُ رشيق، قال: حدَّثنا العباسُ بنُ محمدٍ البصريُّ، قال: حدَّثنا خُشَيشُ بنُ أصرَم، قال: حدَّثنا عبدُ الرزاق (١)، عن معمر، عن الزُّهريِّ، عن حمزةَ بنِ عبدِ اللَّه بنِ عُمر، عن عائشة، أنها قالت: واللَّه ما كانت مراجعتي للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ قال: "مرُوا أبا بكرٍ أن يُصلِّي للناس" إلَّا كراهيةَ أن يتشاءمَ الناسُ بأولِ رجُلٍ يقومُ مقامَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيكونَ ذلك الرجلُ أبي.

وأما قولُها (٢): "إنّ أبا بكر إذا قام مقامَك لم يُسمِع الناسَ من البكاء" ففيه دليلٌ على أن البكاءَ في الصلاة لا يقطَعُها ولا يضُرُّها، إذا كان من خوفِ اللَّه، أو على مصيبةٍ في دينِ اللَّه.

ذكر ابنُ المبارك (٣)، عن حمّادِ بنِ سَلَمة، عن ثابتٍ البُنانيِّ، عن مطرِّفِ بنِ


(١) في المصنَّف ٥/ ٤٣٢ - ٤٣٣ (٩٧٥٤)، وعنه أحمد في المسند ٤٣/ ٨٨ (٢٥٩١٧)، ومن طريقه مسلم (٤١٨) (٩٤)، والنسائي في الكبرى ٨/ ٣٠٤ (٩٢٢٨).
(٢) في الأصل: "قوله"، ولا يستقيم.
(٣) في الزُّهد ١/ ٣٦ (١٠٩).
ومن طريقه أخرجه الترمذي في الشمائل (٣١٦)، والنسائي في المجتبى (١٢١٤)، وفي الكبرى ١/ ٢٩٢ (٥٤٩) وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>