للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المولى يحتملُ وجوهًا في اللغة، أصحُّها أنه الوليُّ والناصر، وليس في شيءٍ منها ما يدُلُّ على أنه استخلَفه بعدَه.

ولا يُنكِرُ فضلَ عليٍّ مؤمنٌ، ولا يجهلُ سابقتَه وموضعَه من رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن دينِ اللَّه عالم، وقد ثبَت عنه رضي اللَّهُ عنه أنه فضَّل أبا بكر على نفسه، من طُرقٍ صِحاح، وقال: خيرُ النَّاس بعدَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو بكر، ثم عمر (١). وحسبُك بهذا منه رضي اللَّه عنه.

وأما قولُ عائشة: إن أبا بكر إذا قام مقامَك لم يُسمِع الناسَ من البكاء، فمُرْ عمرَ فليُصلِّ للناس. فإنها كرِهتْ -فيما زعَموا- أن يتشاءمَ الناسُ بأبيها فيقولوا: إنه لم يُرَ إمامًا إلَّا في حين مرضِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وحين موتِه، فقالت ما قالت، فأنكَر رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك عليها وعلى حفصة، وقال: "إنكنَّ صواحبُ يوسفَ". يريد: إنكنَّ فتنةٌ قد فتنتُنَّ يوسفَ وغيرَه، وصدَدْتُنَّه عن الحقِّ قديمًا؛ يريد: النساءَ


= وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٤/ ٣٢٥ (٢٣٥٧)، والنسائي في الكبرى ٧/ ٣٠٩ (٨٠٨٩)، والحاكم في المستدرك ٣/ ١١٠، وأبو نعيم في معرفة الصحابة ١/ ٤٣١ (١٢٥٥) من طرق عن أبي نعيم الفضل بن دُكين، به. وإسناده صحيح، ابن أبي غنيّة: هو عبد الرحمن بن حُميد الخُزاعي.
ويُروى من وجوه عديدة عن جماعة من الصحابة، قال الحافظ ابن حجر في الفتح ٧/ ٧٤: "أما حديث: من كنت مولاه فعين مولاه فقد أخرجه الترمذي (٣٧١٣)، والنسائي (ك ٨٤٢٤)، وهو كثير الطرق جدًّا، وقد استوعبها ابن عُقْدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان". قلنا: وللإمام الذهبي كتاب فيه حققه صديقنا العلامة الشيخ عبد العزيز الطباطبائي يرحمه اللَّه.
(١) أخرجه أحمد في المسند ٢/ ٢٠١ (٨٣٥) بإسناد صحيح من حديث أبي جُحيفة وهب بن عبد اللَّه السوائي عنه رضي اللَّه عنه.
وأخرجه البخاري (٣٦٧١)، وأبو داود (٤٦٢٩) من حديث محمد ابن الحنفية عن أبيه رضي اللَّه عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>