للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويدُلُّ هذا الحديثُ أيضًا على صحَّة قول مَن ذهَب إلى أن مَن نذَر أن ينحَرَ ابنَه، أنّه لا شيءَ عليه من كفارةٍ ولا غيرِها. وقد قاله مالكٌ على اختلافٍ عنه، وهو الصحيحُ إن شاء الله؛ لأنّه لا معصيةَ أعظمُ من إراقةِ دم امرئ مسلمٍ بغيرِ حقٍّ، ولا معنَى لإيجابِ كفَّارة يمينٍ على مَن نذَرَ ذلك، ولا للاعتبارِ في ذلك بكفارةِ الظِّهارِ في قول المنكَرِ والزُّور؛ لأنّ الظِّهارَ ليس بنذرٍ، والنذرُ في المعصيةِ قد جاء فيه نصٌّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قولًا وعملًا؛ فأمّا العملُ فهو ما في حديثِ (١) جابرٍ هذا، وأمّا القولُ فحديثُ عائشةَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "مَن نذَر أن يُطيعَ اللهَ فليُطعْه ومَن نذَر أن يعصيَ اللهَ فلا يعصِه". وقد ذكرناهُ في كتابِنا هذا في باب طلحةَ بن عبد الملك.

أخبَرنا عبدُ الله بن محمدِ بن أسدٍ الجُهَنيُّ، قال: حدَّثنا سعيدُ بن السَّكن، قال: حدَّثنا محمدُ بن يوسفَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن إسماعيلَ البخاريُّ، قال (٢): حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا وُهيبٌ، قال: حدَّثنا أيُّوبُ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ قال: بَيْنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يخطُبُ إذا هو برجلٍ قائم، فسأَل عنه، فقالوا: يا رسول الله، أبو إسرائيلَ نذَرَ أن يقومَ ولا يقعُدَ، ولا يستظِلَّ، ولا يتكلَّمَ، ويصومَ. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مروه فليتكلَّمْ، وليستظلَّ، وليقعُدْ، وليُتمَّ صومَه".

قال البخاريُّ: وقال عبدُ الوهاب: حدَّثنا أيُّوبُ، عن عكرمةَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

قال أبو عُمر: سيأتي في باب طلحةَ بن عبد الملكَ ما ينضافُ إلى هذا الباب ويليقُ به، إن شاء الله.


(١) في ج: "ما جاء في حديث".
(٢) البخاري (٦٧٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>