للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الفقهاءُ فأكثرُهم يستحبُّون في الكفنِ ما في هذا الحديث، وكلُّهم لا يرَوْن في الكفنِ شيئًا واجبًا لا يجوزُ غيرُه، وما كُفِّن فيه الميتُ منها يُواري عورتَه ويُواريهِ ويستُرُه أجزَأ.

قال مالكٌ رحمه اللَّه: ليس في كفنِ الميتِ حدٌّ، ويُستحَبُّ الوترُ. وفي روايةٍ أخرى عنه: أحَبُّ إليَّ أن يُكفَّنَ الرجلُ في ثلاثةِ أثوابِ ويُعمَّم، ولا أُحِبُّ أن يُكفَّنَ في أقلَّ من ثلاثةِ أثواب (١).

وقال أبو حنيفة وأصحابُه: أدنى ما تُكفَّنُ فيه المرأةُ ثلاثةُ أثواب، والسُّنة فيها خمسةٌ، والرجلُ في ثوبَيْن، والسُّنةُ فيه ثلاثة (٢).

وقال الأوزاعيُّ والثوريُّ (٣): يُكفَّنُ الرجلُ في ثلاثةِ أثواب، والمرأةُ في خمسة. وهو أحدُ قولي الشافعيِّ، وهو قولُ أحمدَ، وإسحاق، وأبي ثور (٤).

ورُوِي عن الشافعيِّ أيضًا أنه قال: أحَبُّ إليَّ أن لا يُجاوَزَ خمسةُ أثوابٍ في كفنِ المرأة، والثوبُ يجزِئُ (٥). واستحَبَّ ابنُ عُلَيّةَ القميصَ في الكفَن (٦).

قال أبو عُمر: قولهُم في هذا الباب كلُّه استِحسانٌ، والأصلُ ما ذكَرتُ لك،


(١) ينظر: التهذيب في اختصار المدوّنة لخلف بن أبي القاسم القيرواني ١/ ٣٤٤ (٤٠٧)، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٤٠١، وبداية المجتهد لابن رشد ١/ ٣٤٤.
(٢) ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ١/ ٤٣٩ - ٤٤٠، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٤٠١، والمبسوط للسرخسي ٢/ ٧٢.
(٣) نقله عنهما الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٤٠١.
(٤) ينظر: الأم للشافعي ١/ ٣٠٣، ومسائل الإمام أحمد رواية أبي داود، ص ٢١٣ - ٢١٤، ورواية ابنه عبد اللَّه، ص ٣٧ (٥٠٨) و (٥٠٩)، ومسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية ٣/ ١٣٨٤ (٨٠١) و (٨٠٢)، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٤٠١.
(٥) نصَّ على ذلك في الأم ١/ ٣٠٣.
(٦) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٤٠١، وحلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء لأبي بكر الشاشيّ القفّال ٢/ ٢٨٦ - ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>