للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل لأبي بكر الصِّديق رضي اللَّه عنه: ألا نَشتري لك ثوبًا جديدًا؟ فقال: الحيُّ أحوجُ إلى الجديدِ من الميِّت، إنما هو للمِهْلَة، كفِّنُوني في ثوبي هذا واغْسِلُوه -وكان به مِشْقٌ (١) - مع ثوبين آخرَيْن (٢).

قال ابنُ حبيب (٣): المِهْلَةُ بكسرِ الميم: صديدُ الجسد، والمُهْلَةُ بضمِّ الميم: عَكَرُ الزيت، ومنه قولُ اللَّه عزَّ وجلَّ: {بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ} [الكهف: ٢٩]. والمَهْلَةُ بنَصْب الميم: التَّمَهُّلُ.

وأخبرنا عبدُ اللَّه بنُ محمد، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بكر، قال: حدَّثنا أبو داود،


(١) المِشْق بالكسر: المَغَرة: وهو طينٌ يُصبَغ به الثوب، يقال: ثوب مُمَشَّق: أي مصبوغٌ به. ينظر: المشارق للقاضي عياض ١/ ٣٨٨، والنهاية في غريب الحديث ١/ ٣٣٤.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٠٨ (٥٩٨) عن يحيى بن سعيد أنه قال: بَلَغني أنّ أبا بكر الصديق، فذكره. وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣/ ٢٠٤ من طريق مالك، به.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٣/ ٤٢٣ (٦١٧٦)، وإسحاق بن راهوية في مسنده (٨٢٩)، وعبد بن حميد في المنتخب (١٤٩٥)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ٣٩٩ (٦٩٢١) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة رضي اللَّه عنها.
(٣) في تفسير غريب الموطأ ٢/ ٦٥ - ٦٦، والمحفوظ عن أهل اللغة أنه يُروى بضمِّ الميم وكسرها وفتحها، قال القاضي عياض في المشارق ١/ ٣٨٩: "رويناه بضم الميم وكسرها وفتحها، ورواية يحيى -يعني الليثيّ- بالكسر، وفي رواية ابن أبي صفرة عنه بالفتح".
ونقل أبو عُبيد في غريب الحديث له ٣/ ٢١٨، والأزهري في تهذيب اللغة ٦/ ١٧١ عن أبي عمرو بن العلاء قوله: "المُهْل في شيئين: هو في حديث أبي بكر: القيح والصديد، وفي غيره: دُرْديُّ الزيت، لم يُعرف منه إلّا هذا". وقال أبو عُبيد: "وقال الأصمعيّ: حدَّثني رجل -وكان فصيحًا- أن أبا بكر قال: "فإنما هما للمَهْلَة؛ بالفتح، وقال: بعضهم يكسر الميم: للمِهْلة".
وقال ابن سِيْدَه في الحكم ٤/ ٣٣١: "هو القيح والصَّديد عامّة. والمِهْلَة والمَهْلة كالمُهْلة".
وينظر: مشكلات موطأ مالك بن أنس لابن السيد البطليوسي، ص ١٠١، والمنتقى شرح الموطأ ٢/ ٨، وشرح الزرقاني ٢/ ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>