للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): حدَّثنا محمدُ بنُ عبيدٍ المُحارِبيُّ، قال: حدَّثنا عمرُو بنُ هاشم (٢) أبو مالكٍ الجَنْبيُّ، عن إسماعيلَ بن أبي خالد، عن عامر، عن عليٍّ بنِ أبي طالب، قال: لا تُغالُوا في كفن، فإني سمِعتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا تُغالوا في الكَفَن؛ فإنه يُسْلَبُ سلْبًا سريعًا" (٣).

قال أبو عمر: استحَبَّ مالكٌ أن يُعمَّمَ الميت، وزعَم أصحابُه أن العمامةَ عندَهم معروفةٌ بالمدينة في كفنِ الرجل، قالوا: وكذلك الخمارُ للمرأة. وكذلك استحَبَّ مالكٌ أيضًا أن يُقَمَّصَ الميت (٤).

وأما الشافعيُّ فقال (٥): أحَبُّ الكفنِ إليَّ ثلاثةُ أثواب: لفائفُ بيضٌ ليس فيها قميصٌ ولا عِمامة، فإنَّ ذلك الذي اختاره اللَّهُ لنبيِّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، واختاره له أصحابُه رِحمهم اللَّه.

وقال عيسى بن دينار (٦): لا ينبغي لمن يجدُ أن يَنقُصَ الميتَ من ثلاثةِ أثواب يُدرَجُ فيها إدراجًا، لا يُجعلُ له إزارٌ ولا عِمامة، ولكن يُدرَجُ كما أُدْرِج النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يَنبغي أن يُزادَ الرجلُ على ثلاثةِ أثواب، وينبغي لمَن يجدُ أن لا ينقُصَ المرأةَ من خمسةِ أثواب؛ درع وخمارٍ وثلاثِ لفائف، أما الخمارُ فيخمَّرُ به رأسُها، وأما


(١) في سننه (٣١٥٤)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى ٣/ ٤٠٣ (٦٩٤٣). وإسناده ضعيف على انقطاع فيه، عمرو بن هاشم الجَنْبيُّ ليِّن الحديث، وعامر -وهو ابن شراحيل الشَّعبيُّ- قال الدارقطني في علله ٤/ ٩٧ (٤٤٩): "سمع من عليٍّ حرفًا، ما سمع غير هذا" يعني حديثه عن عليٍّ رضي اللَّه عنه حين جلد المرأة المحصنة، ولمّا وضعت رَجَمها وقال: "جَلَدتُها بكتاب اللَّه، ورجمتُها بسُنَّة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" أخرجه أحمد في المسند ٢/ ١٢١ (٧١٦)، والبخاري (٦٨١٢).
(٢) في الأصل: "هشام"، خطأ بيّن. وينظر: تهذيب الكمال ج ٢٢/ ٢٧٢.
(٣) قوله: "يُسلَب سلْبًا سريعًا" قال النووي في تهذيب الأسماء ٣/ ١٥١: "فُسِّر تفسيرين، أحدهما: يبلى عاجلًا، فلا فائدة في المُغالاة فيه. والثاني: أنّ النبّاش يقصدُه إذا كان غاليًا نفيسًا فيسلبه. والسّلْبُ: اجتذابُ الثوب من الملابس".
(٤) ينظر: الرسالة للقيرواني ١/ ٥٣، والذخيرة للقرافي ٢/ ٤٥٤.
(٥) في الأمّ ١/ ٣٠٣.
(٦) هو أبو محمد الغافقي القرطبي، من فقهاء المالكية، لزم ابن القاسم مدّةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>