للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّرعُ فيُفتَحُ في وسطِه ثم تُلْبَسُهُ ولا يُخاطُ في جوانبِه، وأحدُ اللفائفِ يُلَفُّ على حُجْزَتها وفَخِذَيها حتى يستويَ ذلك منها بسائرِ جسدِها، ثم تُدْرَجُ في اللِّفافتين الباقيتين كما يُدرَجُ الرجل.

قال أبو عُمر: أما اللِّفافةُ التي تُلَفُّ على حُجْزيها فهو الحَقْوُ (١) الذي تُشعَرُ به يَلي جِلْدَها، وهو النِّطاقُ عندَ أهل العراق، وقد ذكَرناه عندَ قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أشعِرْنها إيّاه". في حديث أيوب (٢).

وجمهورُ الفقهاء على أن الكفَنَ من رأس المال، قال عيسى بنُ دينار: يُجبَرُ الغُرَماءُ والورثةُ على ثلاثةِ أثوابٍ من مالِ الميتِ تكونُ من أوسطِ ثيابِه التي كانت تُتركُ عليه لو أفلَس.

قال أبو عُمر: خيرُ ما كفِّن فيه الموتى البياضُ من الثياب، ثبَت عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "مِن خيرِ ثيابِكم البَياضُ، فكفِّنوا فيها أمواتَكم، ولْيَلبَسْها أحياؤُكم" (٣).

والحِبَرَةُ (٤) محمودٌ أيضًا في الكفنِ لمن قدَر عليه. ويُكرَهُ الخزُّ، والحرير، والثوبُ الرقيقُ الذي يَصِفُ، والمصبوغُ كلُّه غيرُه أفضلُ منه، وما كفِّن فيه الميتُ مما ستَر العورةَ ووارَى أجزَأ. وباللَّه التوفيق.


(١) كتب ناسخ الأصل: "المئزر" ثم كتب في الحاشية: "الحقو" وصحّح عليه.
(٢) وهو ابن أبي تميمة السَّختياني، عن محمد بن سيرين عن أم عطيّة الأنصارية رضي اللَّه عنها، وهو في الموطأ ١/ ٣٠٥ (٥٩٢)، وهو الحديث الثاني له، وقد سلف في موضعه.
(٣) أخرجه بهذا اللفظ الشافعي في مسنده (٥٧٣/ ترتيب السندي) عن يحيى بن سُليم، عن عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في الكبرى ٥/ ٣٣ (٩٢١٧)، وفي معرفة السنن والآثار ٥/ ٢٤٠ (٧٣٨٥)، وهذا إسناد حسن لأجل يحيى بن سُليم: وهو الطائفيُّ فهو صدوق حسن الحديث كما في تحرير التقريب (٧٥٦٢)، وعبد اللَّه بن عثمان بن خثيم: صدوق، وباقي رجاله ثقات.
وهو عند الترمذي (٩٩٤) من طريق بشر بن المفضَّل -وهو ثقة- عن عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم، به، دون قوله: "وليلْبسها أحياؤكم"، وقال: "حسنٌ صحيح".
(٤) والحِبَرَةُ، بكسر الحاء المهملة، وفتح الموحّدة: ما كان من البُرود مخطّطًا. فتح الباري ٣/ ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>