للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما وصَفْنا كان مُنَكِّسًا لطوافِه، وإذا أخَذ عن يسارِه إلى الركنِ اليَمانيِّ وجعَل البيتَ عن يمينِه لم يُجْزِئْه ذلك الطوافُ عندَنا.

واختلَف الفقهاءُ فيمن طاف الطوافَ الواجبَ مَنكُوسًا على ضِدِّ ما وصَفْنا؛ بأنْ يَمْضِيَ على يَسَارِه إذا اسْتلَم الحَجَرَ، ولم يُعِدْه حتى خرَج من مكةَ وأبْعَدَ؛ فقال مالكٌ والشافعيُّ وأصحابُهما: لا يُجزِئُه الطوافُ منكوسًا، وعليه أن ينصرِفَ من بلادِه فيطوفَ؛ لأنّه كمَنْ لم يَطُفْ. وهو قولُ الحميديِّ وأبي ثورٍ.

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: يُعيدُ الطوافَ ما دام بمكةَ، فإذا بلَغ الكوفةَ، أو أبعَدَ، كان عليه دمٌ ويُجْزِئُه. وكلُّهم يقول: إذا كان بمكةَ أعادَ. وكذلك القولُ عندَ مالكٍ والشافعيِّ فيمن نسِي شوطًا واحدًا من الطوافِ الواجبِ، أنّه لا يُجْزِئُه، وعليه أن يرجعَ من بلادِه على بقيةِ إحرامِه فيطوفَ. وقال أبو حنيفة في هذه: إنْ (١) بلَغ بلدَه لم ينصرِفْ، وكان عليه دمٌ.

قال أبو عُمر: حُجَّةُ مَن لم يُجِزِ الطَّوافَ مَنكوسًا، أنَّ رسولَ الله لمّا استَلم الركنَ أخَذ عن يمينِه، فمَنْ خالَف فعلَه فليس بطائفٍ، ويَعْضُدُ ذلك قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "من أحدَث في أمرِنا ما ليس منه فهو رَدٌّ" (٢). يعني مَردودًا. وقال: "خُذُوا عني مناسكَكم" (٣).

أخبَرنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: أخبرنا حمزةُ بن محمدٍ، قال: أخبَرنا أحمدُ بن شعيبٍ (٤)، قالا: أخبَرنا عمدُ الأعلي بن واصلِ بن عبدِ الأعلى، قال: حدَّثنا


(١) في ج: "إذا".
(٢) هو في الصحيحين: البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) أخرجه مسلم (١٢٩٧) من حديث جابر رضي الله عنه بلفظ: "لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه".
(٤) المجتبى ٥/ ٢٢٨، وفي الكبرى (٣٩٢٢)، وهو قطعة من الحديث الطويل في الحج الذي أخرجه مسلم (١٢١٨) (١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>