للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن كَسْبِ الأمَة إلا ما عمِلتْ بيدِها. وقال هكذا بأصابعِه؛ نحوَ الخبزِ والغَزْل والنَّفْش (١).

وهذا نحوُ ما جاء عن عثمانَ رضي الله عنه من النهي عن ذلك؛ لئلا يَكْسِبْنَ بفروجِهنَّ (٢)، على ما كُنَّ يصنَعنَ بإذن مواليهنَّ وبغيرِ إذنهم في الجاهليةِ من البغاء.

وأمّا المُكاتبة، فليسَت من ذلك في شيء، لأنها قد أُبيح لها السؤال، لانفرادِها بكسبِها دونَ مَواليها.

ونُدِب الناسُ إلى عونِ المُكاتَبين؛ لما في ذلك من فكِّ الرِّقاب من الرِّقِّ، وسنُبيِّنُ هذا ونوضحُه إن شاء الله.

وفي هذا رَدٌّ على مَن قال: لا تجوزُ كتابةُ المكاتَب حتى يكونَ له مالٌ. واحتجَّ بقول الله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣]. رُوِيَ عن جماعة؛ منهم: ابنُ عباس وعطاءٌ، في قول الله عزَّ وجلَّ: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} قال: المال (٣). وعن عَمْرو بن دينار: المالُ والصلاح (٤). وقال مجاهد: الغِنَى والأداء (٥).


(١) النّفش: هو ندْف القطن والصُّوف. النهاية في غريب الحديث والأثر ٥/ ٩٦.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٥٧٧ (٨٠٨) عن عمِّه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه، أنه سمع عثمان بن عفّان رضي الله عنه وهو يخطب، وهو يقول: "لا تُكلِّفوا الأمَةَ غيرَ ذاتِ الصّنعة الكسْبَ، فإنكم متى كلّفتموها ذلك، كسبت بفرجها".
وأخرجه عن مالك الشافعي في الأم ٥/ ١١٠، ومن طريقه الطحاوي في شرح المشكل ٢/ ٨٦ بإثر (٦٢٢)، والبيهقي في الكبرى ٨/ ٨ (١٦٢٠٣). وإسناده صحيح.
(٣) أخرجه الشافعي في الأم ٨/ ٣٢، وعبد الرزاق في المصنَّف ٨/ ٣٦٩ (١٥٥٧٠)، وابن جرير الطبري في تفسيره ١٩/ ١٧٠ من طريق عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج: عن عطاء بن أبي رباح، به. وابن جرير ١٩/ ١٦٩ من الطريق نفسه عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٨/ ٣٦٩ (١٥٥٧٠)، وابن جرير الطبري في تفسيره ١٩/ ١٦٩ من طريق عبد الملك بن جريج، عنه.
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٣٢٩٦)، وابن جرير الطبري في تفسيره ١٩/ ١٦٩ من طريق عبد الله بن أبي نجيح، عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>