للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ السلام بن ثعلبة، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بشّار بُندار، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ جعفر غُنْدَرٌ، قال: حدَّثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنه أُتيَ بلَحْم قالوا: إنه تُصدِّقَ به على بَرِيرَة، فقال: "هو لها صدقةٌ، ولنا هديّةٌ" (١).

واختلَف العلماءُ في الكتابة: هل تجبُ فرضًا على السيدِ إذا ابتَغاها العبدُ وعَلِم فيه خيرًا؟ فقال عطاءٌ وعَمْرُو بنُ دينار: ما نَرى ذلك إلا واجبًا (٢). وهو قولُ الضحاك بن مزاحم، قال: هي عَزْمة (٣). وإلى هذا ذهَب داودُ، واحتجَّ بظاهرِ القرآنِ في الأمرِ بالكتابةَ، واحتجَّ أيضًا بأن سيرينَ أبا محمدِ بنِ سيرينَ سأل أنسَ بنَ مالك، وهو مولاه، الكتابة، فأبى أنسٌ، فرفَع عليه عمرُ الدِّرَّة، وتلا: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}، فكاتبَه أنسٌ (٤). وقال داود: ما كان عمرُ ليرفعَ الدِّرَّة على أنس فيما له مباحٌ ألا يفعلَه. وحُجةُ قائلي هذه المقالةِ ظاهرُ قولِ الله عزَّ وجلَّ: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}. وهذا أمر، وحقيقتُه الوجوب، إذا لم يُتَّفقْ على أنه أُريدَ به الندب.

وقال مالكٌ: والثوريُّ، وأبو حنيفة، والشافعيُّ، والأوزاعيُّ، وأصحابُهم: ليستِ الكتابةُ بواجبة، ومَن شاءَ كاتَبَ، ومَن شاءَ لم يُكاتِبْ. وهو قولُ الشعبيِّ، والحسن البصريِّ، وجماعة (٥).


(١) أخرجه البخاري (٢٥٧٧)، ومسلم (١٠٧٤) (١٧٠) عن محمد بن بشّار بُندار، به. وقرن به مسلم محمد بن المثنّى.
وأخرجه أحمد في المسند ١٩/ ٣٣١ (١٢٣٢٤) عن محمد بن جعفر غُندر، به.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٨/ ٣٧١ (١٥٥٧٦)، وينظر: تغليق التعليق ٣/ ٣٤٨ - ٣٤٩.
(٣) أخرجه سعيد بن منصور كما في تفسير ابن كثير ١٠/ ٢٢٩.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٨/ ٣٧١ (١٥٥٧٧)، وابن جرير الطبري في تفسيره ١٩/ ١٧٦، وابن المنذر في الأوسط ١١/ ٤٦١، وابن حزم في المحلى ٩/ ١٢٣.
(٥) ينظر: الأوسط لابن المنذر ١١/ ٤٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>