للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرضِ المشرقِ كلُّها كسرويّةً، عليها صورةُ كسرى، واسمُه فيها مكتوبٌ بالفارسيّة، ووزنُ كلِّ درهم منها مثقالٌ، فكتب ملِكُ الروم، واسمُه: لاوي بنُ فلقط، إلى عبدِ الملك، أنّه قد أعدَّ له سِككًا ليوجِّهَ بها إليه فيَضربَ عليها الدنانير، فقال عبدُ الملك لرسوله: لا حاجةَ لنا فيها، قد عمِلنا سِككًا نقَشنا عليها توحيدَ الله واسمَ رسولِه - صلى الله عليه وسلم -. وكان عبدُ الملك قد جعَل للدنانير مثاقيلَ من زجاج لئلّا تُغيَّرَ أو تُحوَّلَ إلى زيادةٍ أو نقصان، وكانت قبلَ ذلك من حجارة، وأمَر فنوديَ ألّا يَتبايعَ أحدٌ بعدَ ثلاثة أيام من ندائِه بدينارٍ روميٍّ، فكثُرت الدنانيرُ العربيّةُ، وبطَلتِ الروميّة.

وذكَر أبو عبيدٍ في كتاب "الأموال" (١)، وذكَر ذلك جماعةٌ من أهلِ العلم بالسِّيرِ والخبر، أنَّ الدراهمَ كانت غيرَ معلومةٍ إلى أيام عبدِ الملكِ بنِ مروانَ، فجمَعها وجعَل كلَّ عشَرةٍ من الدراهم وزنَ سبعةِ مثاقيل.

قال: وكانتِ الدراهمُ يومئذ، درهمٌ من ثمانيةِ دَوانقَ زيْف، ودرهمٌ من أربعةِ دَوانِقَ جيِّد. قال: فاجتمَع رأيُ علماءِ ذلك الوقتِ لعبدِ الملك على أنْ جمَعوا الأربعةَ الدَّوانقِ إلى الثمانية، فصارَتِ اثنيْ عشَرَ دانقًا، فجعَلوا الدرهمَ ستةَ دوانِقَ، وسمَّوه كيلًا، فاجتمَع لهم في ذلك أنَّ في كل مئتَي درهم زكاةً، وأنَّ أربعين درهمًا أوقيّة، وأنَّ في الخمس الأواق التي قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس فيما دونَها صدقةٌ" (٢) مئتَي درهم لا زيادة، وهي نصابُ الصدقة.

وأما قولهُا: "إنْ أحبَّ أهلُكِ أن أعُدَّها لهم ويكونَ ولاؤُك لي فعلتُ"، وفي حديث ابنِ شهاب، عن عُروة: إن أحبُّوا أن أُعطِيَهم لكِ جميعًا ويكونَ ولاؤُكِ


(١) ص ٦٢٩ - ٦٣٠.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٣٣ (٦٥٢) عن عمرو بن يحيى المازنيّ، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه مرفوعًا. وهو الحديث الثالث لعمرو بن يحيى، وقد سلف مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>