للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلَف القائلون: "هو عبدٌ ما بقيَ عليه درهم " إذا مات قبلَ أن يؤدِّيَ وترَك مالًا؛ فقالت طائفة: كلُّ ما ترَك فهو لسيِّدِه؛ قليلًا كان أو كثيرًا، وإن عجَز عادَ رقيقًا. وممّن قال بهذا؛ مجاهدٌ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيز، والشافعيُّ، وأحمدُ بنُ حنبل، وأبو ثور (١).

ورُوِيَ عن ابن السيِّب، وشريح، والزهريِّ نحوُه. قال الزهريُّ: حُكْمُه حكمُ العبد، وجنايتُه في عُنُقِه. وهو قولُ الثوريِّ.

وروَى الحكمُ، عن عليٍّ، وابنِ مسعود، وشريح: يُعطَى سيدُه من تركتِه ما بقيَ من كتابتِه، فإنْ فضَل شيءٌ، كان لورثةِ المكاتَب.

وروَى عطاءٌ، وإبراهيمُ، وأبو البَختريِّ، عن عليٍّ نحوَه. وقد رُوِيَ عن الزُّهريِّ نحوُه.

وبه قال ابنُ المسيِّب، وأبو سَلَمةَ بنُ عبدِ الرحمن، والنَّخَعيُّ، والشعبيُّ، والحسنُ، وأبو حنيفةَ، وأصحابُه، ومالكُ بنُ أنس، جعَلوه كغريم حلَّ دَيْنُه، غيرَ أنَّ مالكًا جعَل مَن كان معه في كتابتِه أحقَّ ممَّن لم يكنْ معَه من ورثتِه.

وقد روَى الشَّعبيُّ، عن عليٍّ: إذا مات المُكاتَبُ وترَك مالًا، قُسِمَ ما ترَك على ما أدَّى وعلى ما بقيَ، فما أصاب ما أدَّى فهو لورثتِه، وما أصاب ما بقيَ فلمَواليه (٢). وهذا خلافُ ما روَى الحكمُ، وعطاءٌ، وإبراهيمُ، وأبو البَختَريّ، عن عليٍّ رضي الله عنه.

وقد احتَجَّ مَن قال في المكاتَب: يَعتِقُ منه بقدرِ ما أدَّى، بروايةِ ابنِ شهاب في هذا الحديث، وذلك قولُه: "ولم تكنْ أدَّت من كتابتِها شيئًا" (٣).


(١) ينظر: الأم للشافعي ٨/ ٨١ - ٨٢، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٤/ ٤٣٠، والمغني لابن قدامة ١٠/ ٤٥٢.
(٢) أخرجه البيهقي في الكبرى ١٠/ ٣٣١ (٢٢٢٠٧)، وتنظر جملة الأقوال المذكورة الأوسط لابن المنذر ٧/ ٢٧٠ و ٧/ ٥٥٦ و ١٣/ ٣٩٨.
(٣) سلف تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>