للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو نُجومُه كلُّها، فوقَف السيدُ عن مطالبتِه وترَكه بحالِه، أن الكتابةَ لا تنفَسِخُ ما داما على ذلك ثابتَين.

واختلَفوا إذا كان قويًّا على الأداء، أو كان له مالٌ فعجَّز نفسَه؛ فقال مالكٌ ما قدَّمنا ذكرَه، أنه ليس ذلك له إلّا إنْ لم يُعلَمْ له مالٌ.

وقال الأوزاعيُّ: لا يُمكَّنُ من تعجيزِ نفسِه إذا كان قويًّا على الأداء.

وقال الشافعيُّ: له أن يُعجِّزَ نفسَه، عُلِم له مالٌ أو قوةٌ على الكتابةِ أم لم يُعلَمْ، وإذا قال: قد عجَزتُ وأبطلْتُ الكتابة، فذلك إليه (١).

قال أبو عُمر: يحتملُ حديثُ بريرَةَ أن يَنزِعَ منه مالكٌ لمذهبِه، والشافعيُّ لمذهبِه هذا. وبالله التوفيق.

واختلَفوا في المُكاتَبِ يَعجِزُ وبيدِه مالٌ من الصَّدقات تُصُدِّقَ به عليه؛ فقال أكثرُ أهل العلم: إنَّ كلَّ ما قبَضه السيدُ منه من كتابتِه، وما فضَل بيدِه بعد عَجْزِه من صدَقةٍ وغيرِها، فهو لسيِّدِه، يَطيبُ أخذُ ذلك كلِّه له. هذا قولُ الشافعيِّ وأبي حنيفة وأصحابِهما، وأحمدَ بنِ حنبل، وروايةٌ عن شُريح (٢).

وقال بعضُ أصحاب الشافعيِّ: إذا كان ما أخَذه السيِّدُ من المكاتَب قبلَ عجزِه هو مِن كسْبِ العبد، لم يرُدَّه، وإن كان استقرَضه العبدُ أو أخَذه من زكاةِ رجُلٌ، فعلى السيدِ ردُّه.

وعن الشعبيِّ، عن مسروق، في مكاتَبٍ عجَزَ، كيف يصنَعُ سيِّدُه بما أخَذ منه؟ قال: يجعَلُه في مثلِه من الرقاب. قال: وقال شريحٌ: إنْ عجَز رُدَّ في الرِّقِّ، ولم يأخُذْ من مولاه ما أخَذ منه (٣).


(١) تنظر جملة الأقوال السابقة: تهذيب المدوّنة للقيرواني ٢/ ٥٦٠ (٢١١٩)، والأم للشافعي ٨/ ٥٦، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي.
(٢) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٤/ ٤٣٠.
(٣) ينظر: المصنَّف لابن أبي شيبة (٢١٩٥٧) و (٢١٩٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>