للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالكٌ: إذا عجَز المكاتَبُ، فكلُّ ما قبَضه منه السيدُ قبلَ العجزِ حِلٌّ له، كان من كسبِه أو من صدقةٍ عليه. قال: وأما ما أُعينَ به على فِكاكِ رقبتِه فلم يَفِ ذلك بكتابتِه، كان لكلِّ مَن أعانَه الرجوعُ بما أعطَى، أو يُحلِّلُ منه المكاتَبُ، ولو أعانوه صدقةً لا على فكاكِ رقبتِه، فذلك إن عجَز حلٌّ لسيِّدِه، ولو تمَّ به فِكاكُه وبقيَت فَضلةٌ، فإن كان بمعنَى الفِكاكِ ردَّها إليهم بالحِصَص، أو يُحلِّلونَه عنها. هذا كلُّه مذهبُ مالكٍ فيما ذكر ابنُ القاسم (١).

وقال الثوريُّ: يجعلُ السيدُ ما أُعطاه في الرقاب. وهو قولُ مسروق، والنَّخَعيِّ، وروايةٌ عن شُريح (٢).

وقالت طائفة: ما قبَض منه السيِّدُ، فهو له، وما فضَل بيدِه بعدَ العجز، فهو له دونَ سيِّده. وهذا قولُ بعض مَن ذهَب إلى أنّ العبدَ يَملِكُ (٣). وقال إسحاق (٤): ما أُعطِيَ لحالِ الكتابةِ رُدَّ على أربابه.

وهذه المسائلُ كلُّها في معنى الحديث المذكور في هذا الباب في قصةِ بَريرَة، فلذلك ذكَرناها، وأما فروعُ مسائل المُكاتَب، فكثيرةٌ جدًّا، لا سبيلَ في مثل تأليفِنا هذا إلى إيرادِها على شرطِنا. وبالله توفيقُنا.

وفيه أيضًا: أنّ عقدَ الكتابةِ من غير أداءٍ لا يُوجِبُ شيئًا من العتق، خلافَ


(١) في المدوّنة ٢/ ٤٧٣، وينظر التهذيب في اختصار المدوّنة للقيرواني ٢/ ٥٦٤ (٢١٢٣)، والأوسط لابن المنذر ١١/ ٥٢٤.
(٢) ينظر: المصنَّف لابن أبي شيبة (٢١٩٦٠).
(٣) منهم إبراهيم بن يزيد النخعي، فيما نقل عنه ابن المنذر في الأوسط ١١/ ٥٢٦، وقال: "وهذا القول موافقٌ القولَ الثاني في المعنى، ويزيد على أنّ ما كسَبَه ومالَهُ فهو لمولاه".
(٤) كما في مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية ٨/ ٤٤٤٦ - ٤٤٤٧ (٣١٨٣)، وكذا نقل عنه ابن المنذر في الأوسط ١١/ ٥٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>