للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتحريض؛ لأنَّه قد أخبَر عزَّ وجلَّ أنَّ فِعْلَه ذلك غيرُ ضائرٍ لمَن تولّاه من عبادِه وأحبَّ هدايتَه، وأنّه لا سُلطانَ له عليهم، وكَفى بربِّكَ وكيلًا.

أخبرنا محمدٌ (١)، قال: حدَّثنا علي، قال: حدَّثني أبو محمدٍ يحيى بنُ محمدِ بنِ صاعد وأبو سهلِ بنُ زياد (٢) وعثمانُ بنُ أحمدَ الدَّقّاقُ، قالوا: حدَّثنا إسماعيلُ بنُ إسحاق، قال: حدَّثني أبو ثابت (٣)، قال: حدَّثني عبدُ الله بنُ وَهْب، قال: أخبَرني مالكٌ، أنه سأل ابنَ شهاب عن رجل خطَب على عبدِه وليدةَ قوم، واشترَط أنَّ ما ولَدتِ الأمةُ من ولدٍ فلي شطرُه، وقد أعطاها العبدُ مهرَها؟ قال ابنُ شهاب: هذا من الشرطِ الذي لا نرَى له جوازًا.

قال: وقال ابنُ شهاب: أخبرَني عُروةُ بنُ الزبير، أنَّ عائشةَ قالت: قام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فخطَب الناسَ، فقال: "يا معشرَ المسلمين، ما بالُ قوم يشتَرطونَ شروطًا ليسَت في كتاب الله؟ مَن اشترطَ شرطًا ليس في كتاب الله، وإن كان شرَطَ مئةَ شرط، فليس له شرط، شرطُ الله أحقُّ وأوثق".

قال أبو الحسن: هذا حديثٌ صحيحٌ غريبٌ من حديثِ مالك، تفرَّدَ به إسماعيلُ بنُ إسحاق، عن أبي ثابت.

قال أبو عُمر: وفي هذا الحديث أيضًا دليلٌ على أنَّ بيعَ الأمَة ذاتِ الزوج ليس بطلاقٍ لها؛ لأنَّ العلماءَ قد أجمَعوا، ولم تختلِفْ في ذلك الآثارُ أيضًا، أنَّ بَريرةَ كانت إذ اشتَرتْها عائشةُ ذاتَ زوج، وإنما اختلَفوا في زوجِها؛ هل كان حُرًّا أو عبدًا؟ وقد أجمع علماءُ المسلمين على أنَّ الأمةَ إذا أُعتِقَت وزوجُها عبدٌ، أنّها تُخيَّرُ. واختلَفوا إذا كان زوجُها حرًّا، هل تُخيَّرُ أم لا؟ وقد ذكَرنا اختلافَهم في ذلك كلِّه،


(١) هو ابن عبدوس، وشيخه علي: هو ابن عمر الدارقطني الحافظ المعروف.
(٢) هو محمد بن أحمد بن زياد القطان.
(٣) هو محمد بن عبيد الله المدنيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>