للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعدُ، فلو كان رَمَل من أجل المشركين في عُمرتِه، كما قال ابنُ عباس، ما منَع ذلك من أن يكونَ الرَّمَلُ سُنّةً؛ لأنّ الرَّمَلَ مأخوذٌ عنه، محفوظٌ في حَجَّتِه التي حَجَّها، وليس بمكةَ مشركٌ واحدٌ يومئذٍ، فرمَل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حَجَّتِه ثلاثةَ أشواطٍ كَمَلًا (١)، ومشَى أربعًا في حَجَّةِ الوداع، ولا مشركٌ ينظُرُ إليه حينئذٍ. فصحَّ أنّ الرَّمَلَ سُنَّةٌ.

روَى مالكٌ، وإسماعيلُ بن جعفَرٍ (٢)، ويَزيدُ بن الهَادِ (٣)، وحاتمُ بن إسماعيلَ (٤)، ويحيى القطانُ (٥)، وغيرُهم، عن جعفرِ بن محمدٍ، عن أبيه، عن جابر، أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - طاف في حجَّة الوداعِ سبعًا؛ رَمَلَ منها ثلاثةً، ومشَى أربعًا. وهذا في حديث جابرٍ، الحديثِ الطويل الذي وصَف فيه حَجَّةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - من حين خُروجِه إليها إلى انقِضاءِ جميعها، رواه عن جعفرِ بن محمدٍ جماعةٌ من العلماء في وَقتِهم، وقد حَكَى عبدُ الله بن رجاءٍ أنّ مالكًا سَمِعَه بتمامه من جعفر بن محمدٍ. ويَدُلُّ على صحَّةِ قوله أنّ مالكًا قَطَّعَه في أبوابٍ من "موطئه"، وأتى منه بما احتاج إليه في أبوابه.

رَوَيْنا عن عبد الله بن رجاءٍ، أنّه قال: حضَرتُ عبدَ الملك بنَ جُريج، وعبيدَ الله وعبدَ الله العُمَريَّيْن، وسفيانَ الثوريَّ، وعليَّ بن صالح، ومالكَ بن أنسٍ، عند جعفرِ بن محمدٍ يسألونه عن حديثِ الحَجِّ، فحدَّثهم به، ورَوَوْه عنه.


(١) أي: كاملة.
(٢) أخرجه النسائي في المجتبى ٥/ ٢٣٦، وفي الكبرى (٣٩٤١).
(٣) أخرجه النسائي في المجتبى ٥/ ٢٣٥ و ٥/ ٢٤٠، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ١٨١.
(٤) أخرجه مسلم (١٢١٨) (١٤٧).
(٥) أخرجه أحمد ٢٢/ ٣٢٥ (١٤٤٤٠)، وابن خزيمة (٢٧٠٩)، وابن الجارود (٤٥٢)، وأبو يعلى (٢١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>