للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: إنّما رمَل رسولُ الله بالبيت، وبين الصَّفَا والمَرْوة؛ لأنّ المُشْركين رأوا أنّ بأصحابه جَهْدًا، فرمَل ليريَهم أنّ بهم قوةً (١).

وبما رواه الحجَّاجُ بن أرطاةَ، عن أبي جعفرٍ وعكرمةَ، عن ابن عباسٍ، قال: لما اعتمَر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بلَغ أهلَ مكةَ أنّ بأصحابه هُزْلًا، فلمّا قدِم مكةَ قال لأصحابه: "شُدُّوا مَيَازِرَكُم وارمُلُوا؛ حتى يرى قومُكم أنّ بكم قوةً". ثم حَجَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يرمُلْ (٢).

قال أبو عُمر: أما مَن زعَم أنّ الرَّمَلَ ليس بسُنَّةٍ، واحتجَّ بقول ابن عباسٍ هذا، فمُغَفَّلٌ فيما اختارَه، وقد ظنَّ في ذلك ظنًّا ليس كما ظنَّ، والدليلُ على ذلك ما رواه ابنُ المبارك، عن عُبيدِ الله بن أبي زيادٍ، عن أبي الطفيل، عن ابن عباسٍ قال: رمَل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من الحَجَرِ إلى الحَجَرِ (٣).

وروَى حمادُ بنُ سَلَمة، عن عبد الله بن عثمانَ بن خُثَيْم، عن أبي الطُّفيل، عن ابن عباسٍ، أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمَر من الجِعِرّانة، فرمَل بالبيتِ ثلاثًا، ومشَى أربعةَ أشواطٍ (٤).

ففي هاتين الروايتين أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رمَل الأشواطَ الثلاثةَ كلَّها، وقد كان في بعضِها حيثُ لا يَراه المشركون، وفي ذلك دليلٌ على أنّه ليس من أجلِهم رَمَل.


(١) إسناده ضعيف، ليث هو ابن أبي سليم، اختلط جدًّا ولم يتميز حديثه فترك.
أخرجه الطبراني في الكبير (١٠٩٥٨) من طريق فضيل عن ليث عن طاوس عن ابن عباس.
(٢) إسناده ضعيف، الحجاج بن أرطاة مدلس، وقد عنعن.
(٣) إسناده ضعيف، عبيد الله بن أبي زياد هو القداح أبو حصين المكي ضعيف يعتبر به في المتابعات
والشواهد، كما في تحرير التقريب ٢/ ٤٠٥ (٤٢٩٢).
أخرجه أحمد ٣٩/ ٢١٩ (٢٣٨٠٢) و ٣٩/ ٢٢٣ (٢٣٨٠٦)، وأبو يعلى (٩٠١)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ١٨١ عن أبي الطفيل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير ذكر ابن عباس.
(٤) إسناده حسن. أخرجه أحمد ٤/ ٤٢٥ (٢٦٨٨) و ٥/ ٤٧٠ (٣٥٣٤)، وأبو داود (١٨٩٠)، وأبو يعلى (٢٥٧٤)، والطحاوي في شرح المعاني ٢/ ١٨٠، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>