للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رمَل بالبيت، وأنَّ ذلك سُنَّةٌ. قال: صدَقوا وكذَبوا (١). قلتُ: ما صدَقوا، وما كذَبوا؟ قال: صدَقُوا؛ قد رمَل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حينَ طاف بالبيتِ، وكذَبوا؛ ليس ذلك بسُنَّةٍ، إنَّ قريشًا قالت زمنَ الحُدَيْبية: إنّ به وبأصحابِه هُزْلًا. وقَعَدوا على قُعَيْقِعَانَ (٢) ينظرون إليهم، فبلغ ذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لأصحابه: "ارْمُلُوا أَرُوهم أنّ بكم قوةً". فكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَرْمُلُ من الحَجَرِ الأسودِ إلى الركن اليَماني، فإذا توارَى عنهم مشَى. هكذا حدَّث به فِطْرٌ (٣)، عن أبي الطفيل. ورواه أبو عاصمٍ الغَنَويُّ (٤)، وابنُ أبي حُسينٍ (٥)، عن أبي الطفيل نحوَه.

واحتجُّوا أيضًا بما رواه حمادُ بن زيدٍ، عن أيوبَ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ قال: قدِم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه مكةَ، فقال المشركون: إنّه يقدَمُ عليكم قومٌ قد وهَنَتْهم حُمَّى يثربَ. فلمّا قدِموا قعَد المشركون ممّا يلي الحِجْرَ، فأمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه أن يرمُلُوا الثلاثةَ، وأن يمشُوا ما بينَ الرُّكنين. قال ابن عباس: ولم يمنَعْه أن يرمُلُوا الأشواطَ كلَّها إلّا إبقاءٌ عليهم (٦).

وبما رواه فُضيْلُ بن عياضٍ، عن ليثٍ، عن طاوسٍ وعطاءٍ، عن ابن عباسٍ


(١) الكذب بلغة أهل الحجاز يطلق على الخطأ.
(٢) جبل بمكة يشرف على الركن العراقي.
(٣) حديث فطر عن أبي الطفيل أخرجه أحمد ٣/ ٤٧١ (٢٠٢٩)، والحميدي (٥١١)، والبزار (٤٦٨٧)، وابن حبان (٣٨١١) و (٣٨٤١)، والطبراني في الكبير (١٠٤٧٨)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ١٨٠، والطبراني في الكبير (١٠٦٢٥) و (١٠٦٢٦)، وإسناده صحيح.
(٤) حديث أبي عاصم الغنوي عن أبي الطفيل أخرجه الطيالسي (٢٨٢٠)، وأبو داود (١٨٨٧) و (٢٧٠٧)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ١٧٩، والطبراني في الكبير (١٠٤٨٠)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ١٥٣.
(٥) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، وهو في صحيح مسلم (١٢٦٤) (٢٣٨).
(٦) أخرجه البخاري (١٦٠٢) و (٤٢٥٦)، ومسلم (١٢٦٦) (٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>