للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: وهو بقُربِ وادي ذي طَوًى، وإيّاه عنى الشاعرُ النُّمَيريُّ (١) حيث قال:

تَضَوَّعَ مِسْكًا بطنُ نَعْمانَ أنْ ... مشَتْ به زينبٌ في نِسوةٍ خَفِراتِ (٢)

مَرَرْنَ بفخٍّ رائحاتٍ عَشِيّةً ... يُلَبِّينَ للرَّحمنِ مُعْتَمِراتِ

ونَعْمانُ: وادي عرفات.

وقال آخرُ:

ماذا بفَخٍّ من الإشراقِ والطِّيبِ ... ومن جَوارٍ نَقيّاتٍ رَعابيبِ (٣)

وأما قولُ ابنِ عُيينة: "وانْقُلْ وباءَها إلى خُمٍّ أو الجُحْفَة". شَكٌّ، فإنَّ "خُمّ" أيضًا من الجُحْفَةِ قَريبٌ.

وقال ابنُ إسحاقَ في حديثه: "وانْقُلْ وباءَها إلى مَهْيعَةَ": وهي الجُحْفة.

وقد روَى ابنُ أبي الزناد، عن موسى بن عُقْبةَ، عن سالم، عن ابنِ عمر، قال: سمِعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "رأيتُ في المنام امرأةً سوداءَ ثائرةَ الشَّعَرِ تَفِلةً (٤)، أُخْرِجت من المدينة فأُسْكِنت مَهْيعةَ، فأوَّلتُها وباءَ المدينةِ يَنقُلُها اللهُ إلى مَهيعةَ" (٥).


(١) وهو محمد بن عبد الله النُّميريّ، والبيتان في المحاسن والأضداد للجاحظ، ص ٢١٧، وفي الكامل للمبرِّد ٢/ ٧٨، ١٦٩، والعقد لابن عبد ربّه الأندلسي ٦/ ١٧٣، وفي الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ٦/ ٢٠٣، ووقع عند بعضهم "مؤتجرات" بدل "معتمرات".
(٢) خفرات: الخَفَر: شدّة الحياء. الصحاح (خفر).
(٣) البيت في أخبار مكّة للفاكهي ٤/ ١٩٨، وزهر الأكم في الأمثال والحكم لنور الدين اليوسي ٢/ ١٩ دون نسبةٍ لقائل معيّن.
وقوله: "رعابيب" جمع رُعْبوبة: وهي المرأة الطويلة البيضاء. ينظر: المحكم لابن سيده ٢/ ١٣٤. وينظر ما سيأتي، ص ٢٢٨.
(٤) قوله: "تَفِلَة" المرأة التَّفِلَة: التاركة للطِّيب. تاج العروس (تفل).
(٥) أخرجه أحمد في المسند ١٠/ ٣٤٥ - ٣٤٦ (٦٢١٦)، والدارميّ (٢١٦١)، وابن أبي الدُّنيا في المرض والكفّارات (١٤٩)، وإسناد ضعيف؛ لأجل ابن أبي الزِّناد: وهو عبد الرحمن، وبقيّة رجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>