للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الحديثِ: بيانُ ما هو مُتعارَفٌ حتى الآنَ من تَنكُّرِ البُلدانِ على مَن لم يعرِفْ هواها، ولم يُغَذَّ بمائها.

وفيه: عيادةُ الجِلَّةِ السادةِ لإخوانهم ومواليهم الصالحين، وفي فضلِ العيادةِ آثارٌ كثيرةٌ قد وقَعت في مواضِعها من هذا الكتاب.

وفيه: سؤالُ العليل عن حاله بـ: كيفَ تَجِدُكَ؟ وكيف أنت؟ ونحو ذلك.

وفيه: أنّ إشارةَ المريض إلى ذكرِ ما يجدُ ليس بشَكْوَى، وإذا جاز استخبارُ العليل جاز إخبارُه عمّا به، ومَن رضيَ فله الأجرُ والرِّضا، ومَن سَخِط فله السَّخَطُ والبَلْوَى.

وفيه: إجازةُ إنشادِ الشِّعر والتَّمثل به واستِماعِه، وإذا كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَسمَعُه وأبو بكر يُنشِدُه، فهل للتقليدِ والاقتداءِ موضعٌ أرفَعُ من هذا؟ وما استَنْشَده رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأُنْشِد بينَ يدَيْه أكثرُ من أن يُحصَى، ولا يُنكِرُ الشِّعرَ الحسنَ أحدٌ من أُولي العلم ولا من أُولي النُّهَى.

قال آخَر:

ماذا بفَخٍّ من الإشراقِ والطِّيب ... ومن جَوارِ نقياتٍ رَعابيب (١)

وليس أحدٌ من كبارِ الصحابةِ وأهل العلم وموضعِ القُدْوةِ إلا وقد قال الشِّعرَ وتمثَّل به، أو سمِعَه فَرضِيَه، وذلك ما كان حِكْمةً أو مباحًا من القول، ولم يكنْ فيه فُحْشٌ ولا خَنًى (٢)، ولا لمسلم أذًى، فإن كان ذلك فهو والمنثورُ من الكلام سواءٌ، لا يحلُّ سماعُه ولا قولُه.

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الملك (٣)، قال: حدَّثنا ابنُ الأعرابيِّ، قال: حدَّثنا


(١) سلف تخريجه والكلام على مفرداته قريبًا.
(٢) والخَنى من الكلام: أفحَشُه. (العين ٤/ ٣١٠).
(٣) هو اللخميّ الحداد، وشيخه ابن الأعرابي: هو أحمد بن محمد بن زياد، أبو سعيد، صاحب المعجم المعروف وغيره من المصنّفات، وشيخه الزّعْفرانيُّ: هو الحسن بن محمد بن الصّباح.

<<  <  ج: ص:  >  >>