للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أبيه قال: كنتُ عندَ ابنِ سيرينَ، فجاءه إنسان يسألُه عن شيءٍ من الشِّعرِ قبلَ صلاةِ العصر، فأنشَده ابنُ سيرين:

كأنَّ المُدامةَ والزَّنْجَبيلْ ... وريحَ الخُزامى (١) وذَوْبَ العسَلْ

يُعَلُّ به بَرْدُ أنيابِها (٢) ... إذا النجمُ وَسْطَ السماءِ اعْتَدَلْ

وقال: اللهُ أكبرُ. ودخَل في الصلاة (٣).

وهذا الشِّعرُ أيضًا للنُّمَيريِّ المذكورِ في زينبَ أختِ الحَجّاج التي له فيها الشِّعرُ الثاني، أوله:

ألا مَن لقَلْبٍ مُعَنّى غَزِلْ ... يُحِبُّ المُحِلَّةَ أختَ المُحِلْ

تراءت لنا يومَ فرعَ الأرا ... كِ بينَ العِشاءِ وبينَ الأُصُلْ

كأن القَرنفلَ والزَّنجبيلْ ... وريحَ الخُزامى وذوبَ العسَلْ

يُعَلُّ به بَرْدُ أنيابِها .... إذا ما صغَا (٤) الكوكبُ المُعتَدِلْ

وقد مضَى في مواضعَ من هذا الكتابِ في أمرِ استتارِ النساءِ والحجابِ وفضائلِ المدينةِ ما يُغْني عن تكريرِه في هذا الباب. والحمدُ لله.


(١) الخُزامى: بقْلَة طيِّبةُ الرائحة، لها نوْرٌ كنَوْر البنفسج. الواحدة: خُزاماة. ينظر: تهذيب اللغة للأزهريّ ٧/ ١٠١.
(٢) قوله: يُعَلُّ به بَرْد أنيابها" العَلُّ: هو الشُّرب بعد الشُّرب تِباعًا، والمعنى: أنَّه يُسقى بالمُدام مرّةً بعد مرّةٍ. يصِفُها بطِيب رائحة فمها، حين تتغيَّر الأفواه بعد النوم.
(٣) أخرجه أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني ٦/ ٢٢٠ من طريق قتيبة بن سعيد، به.
وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء ٢/ ٢٧٥ من طريق أبي بكر بن شعيب بن الحبحاب، به.
وذكره ابن قتيبة في الأشربة، ص ٢٠٩ ولم يُسنده.
(٤) الأبيات في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ٦/ ٢١٨.
قوله في البيت الأول: "يُحِبُّ المُحِلَّة أخت المُحِلِّ" المُحِلُّ الذي عناه النُّميريُّ هاهنا هو الحجّاج بن يوسف الثقفي، سُمِّي بذلك لإحلاله الكعبة، وكان أهل الحجاز يُسمُّونه بذلك، ويُسمِّي أهل الشام عبدَ الله بنَ الزُّبير المُحِلّ، لأنه أحلّ الكعبة، زعموا أنَّه بمُقامه فيها، وكان أصحابه أحرقوها بنارٍ استضاؤوا بها. قاله أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني ٦/ ٢١٨.
وقوله: "صغا" يعني: مال، وفي المطبوع من الأغاني "صفا" بالفاء. ينظر: الصحاح (صفا).

<<  <  ج: ص:  >  >>