للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى نافعٌ، عن ابن عمرَ مثلَه في حجِّه وعمرتِه (١).

وقد ثبت الرَّمَلُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وعن أصحابِه، فصارَ سُنَّةً. وأمّا ما رواه الحجَّاجُ بن أرطاةَ، عن أبي جعفرٍ وعكرمةَ، عن ابن عباسٍ في الحديث الذي ذكرناه عنه، قال فيه: ثم حَجَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يرمُلْ. فهذا يدُلُّك على ضعفِ روايةِ الحجَّاج، وأنّ ما قال أهلُ الحديث فيه أنّه ضعيفٌ مُدَلِّسٌ لا يُحتَجُّ بحديثه؛ لضَعفِه وسُوءِ نقلِه عندَهم - حقٌّ، وقد ثبَت عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه رمَل في حَجَّتِه، فبطَل ما خالَفه. ولو كان ما حكَاه الحجَّاجُ في روايتِه عن ابن عباسٍ صحيحًا لم يكنْ فيه حُجَّةٌ؛ لأنّه نافٍ، والذي حَكَى أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رمَلَ، وأخبَر أنّه عايَنَه يصْنَعُ ذلك، مُثْبِتٌ، والمُثْبِتُ أولى من النافي في وجه الشهاداتِ والأخبارِ عند أهل العلْم.

قال أبو عُمر: فإن احتجَّ بعضُ مَن لا يَرى الرَّمَلَ سُنَّةً من سننِ الحجِّ بما روَاه العلاءُ بن المسيَّبِ، عن الحَكَمِ، عن مجُاهِدٍ، عن ابن عمر، أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رمَل في العُمرة، ومشَى في الحَجِّ (٢). قيل له: هذا حديث لا يَثْبُتُ؛ لأنّه رواه الحفاظُ موقوفًا على ابن عمرَ، ولو كان مرفوعًا كان قد عارَضه ما هو أثْبَتُ منه، وهو ما ذكرنا من حديث عُبيد الله بن عمرَ، عن نافعٍ، عن ابن عمرَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (٣).

وأخبرنا أحمدُ بن عبد الله، قال: حدَّثنا الميمونُ بن حمزةَ الحُسينيُّ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن محمد بن سلامةَ الطحاويُّ، قال (٤): حدَّثنا المُزَنيُّ، قال: حدَّثنا الشافعيُّ، رحمه الله، قال: حدَّثنا أنسُ بن عياضٍ، عن موسى بن عقبةَ، عن نافع، عن ابن عمرَ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه رَمَلَ ثلاثةً، ومَشَى أربعةً.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (١٥١٢٣)، والطحاوي في شرح المعاني ٢/ ١٨١، والبيهقي ٥/ ٨٣ من طريق نافع، به.
(٢) أخرجه الطحاوي في شرح المعاني ٢/ ١٨٠ من طريق العلاء، به.
(٣) أخرجه البخاري (١٦١٧)، ومسلم (١٢٦١) (٢٣٠).
(٤) في شرح معاني الآثار ٢/ ١٨١. وأخرجه البخاري (١٦١٦) من طريق أنس بن عياض، به، وأخرجه مسلم (١٢٦١/ ٢٣١) من طريق موسى، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>