للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الطَّحاويُّ (١): وحدَّثنا يزيدُ بن سنانٍ، قال: حدَّثنا أبو بكر الحنفيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمرَ، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمَل ثلاثةً، ومشَى أربعةً حينَ قَدِمَ في الحجِّ، وفي العُمْرَة حينَ كان اعتَمَرَ.

وهذه الآثار كلُّها عن ابن عمرَ تَدْفَعُ حديثَ العلاء بن المُسَيِّب. وقد ذكَرَ حمّادُ بن سلَمَةَ، عن أيُّوبَ، عن نافعٍ، عن ابن عمرَ، أنّه كان إذا قَدِمَ مكّةَ رمَلَ بالبيت، ثم طافَ بين الصَّفا والمَروة، وإذا لبَّى من مكة لم يَرْمُلْ بالبيت، وأخَّرَ الطَّوافَ بين الصَّفا والمَروَة إلى يومِ النَّحْرِ (٢). ومالكٌ، عن نافع، عن ابن عمرَ نحوَه.

ففي هذا الحديث عن ابن عمرَ، أنّه كان يَرمُلُ في الحَجَّةِ إذا كان إحرامُه بها من غير مكّةَ، وكان لا يَرْمُلُ في حَجَّتِه إذا أحرَمَ بها من مكةَ، وهذا إجماعٌ من العلماء أنّ مَن أحرَمَ بالحَجِّ من مكّةَ، لا رَمَلَ عليه إنْ طافَ بالبيتِ قبلَ خُروجِه إلى منًى، وعلى هذا يَصِحُّ حديثُ مجاهِدٍ لو كان موقوفًا، وكانت حَجَّةُ ابن عمرَ فيه مَكِّيّةً. وأمّا مرفوعًا فلا يَصِحُّ؛ لدَفْع الآثارِ الصِّحاحِ له في أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَمَلَ في حَجَّتِه، ولم تكُنْ له حَجَّة غيرُها - صلى الله عليه وسلم -.

واختَلفَ قولُ مالكٍ وأصحابِه فيمَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ في الطَّوافِ، والهَرَوْلَة في السَّعْي، ثم ذكَرَ ذلك وهو قريبٌ؛ فمرَّةً قال: يُعيدُ، ومرَّةً قال: لا يُعيدُ. وبه قال ابنُ القاسم.

واختَلفَ قولُ مالكٍ أيضًا فيما حكاه ابنُ القاسم عنه؛ هل عليه دَمٌ مع حالِه هذه إذا لم يُعِدْ، أم لا شيءَ عليه؟ فمرَةً قال: لا شيء عليه. ومرَّةً قال: عليه دَمٌ.


(١) شرح معاني الآثار ٢/ ١٨١.
(٢) أخرجه الطحاوي في شرح المعاني ٢/ ١٩٨ من طريق حماد به، وأخرجه ابن أبي شيبة (١٥٢٩٣) من حديث ابن علية عن أيوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>