للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْبِزا خَبْزًا وبُسَّا بَسًّا (١)

يريد: اعمَلا بَسِيسًا.

قال أبو عُمر: وقال غيرُه: "يَبِسُّون": يُسرِعون السَّير، وقيل: يزجُرون دوابَّهم. وقال غيرُه: يبسون: يسألون عن البلدانِ ويتَشفَّون من أخبارِها ليتحمَّلوا إليها. وهذا لا يكادُ يعرفُه أهلُ اللغة، وأمّا الرباعيُّ فلا خلافَ فيه وفي معناه، وليس له إلا وجهٌ واحد، وأما الثلاثيُّ ففيه لغتان: بَسَّ يَبِسُّ، بكسرِ الباء، وَيبُسُّ بضمِّها (٢). ومثلُ هذه الكلمةِ عندي: قتَر وأقتَر؛ فيه لغتان: قتَر على الثلاثيّ، وأقتَر على الرباعيّ، وفي الثلاثيّ لغتان في المستقبل منه: يقتِرُ بكسرِ التاء، ويقتُرُ بضمِّها. وقد قُرئ قولُه عزَّ وجلَّ: {لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: ٦٧]. على الثلاثة الأوجه: "يُقْتِروا" من الرباعيّ، و {يَقْتُرُوا} من الثلاثيّ، و"يَقْتِروا" منه أيضًا (٣).

وأمّا روايةُ يحيى بن يحيى في "يَبِسُّون" عندَ أكثرِ شيوخِنا الذين اعتمَدنا عليهم في التقييد، فعلى فتح الياء وكسرِ الباءِ من الثلاثيِّ، وفسّروه: يَسيرون، على نحو روايةِ ابن بُكَيرٍ وتفسيرِه، ولا يصحُّ في روايةِ يحيى بن يحيى غيرُ هذا الضبط، ومَن روَى في "موطأ يحيى" غيرَ ذلك فقد روَى ما لم يروِ يحيى. واللهُ أعلم.


(١) الرجز في مجاز القرآن لأبي عبيدة ٢/ ٢٤٨، وفي كتاب الحيوان للجاحظ ٤/ ٥٠٤ ونسباه لأحد اللصوص من غطفان، وسماه المرزباني في معجم الشعراء، ص ٤٩٢ الهفوان العُقيليّ، أراد أن يخبز، فخاف أن يعجل عن الخبز، فبَلَّ الدقيق، فأكل عجينًا، وهو في تهذيب اللغة للأزهري ١٢/ ٢٢١، ومجمل اللغة لابن فارس ١/ ١١٢، وفي الصحاح، واللسان مادة (بسس) بلا نسبةٍ لقائلٍ معيَّن، مع اختلاف لفظي.
(٢) في الأصل: "لمثلها"، ولا معنى له، والمثبت من بقية النسخ.
(٣) سلف تخريج هذه القراءات في أثناء شرح الحديث الثالث عشر لابن شهاب الزُّهري عن عروة بن الزُّبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>