وكان ابنُ حبيب ينكِرُ روايةَ يحيى، ويحملُ عليه في ذلك. وقد رواه ابنُ بكير، وابنُ نافع، وحبيبٌ، وغيرُهم كذلك، ويقال: إن ابنَ القاسم رواه: "يَبُسَّون" بفتح الياءِ وضمِّ الباء (١). فاللهُ أعلم.
وأما قولُه في هذا الحديث:"والمدينةُ خيرٌ لهم لو كانوا يعلَمون". فقيل فيه: خيرٌ لهم من أجْلِ أنها لا يدخُلُها الطاعونُ ولا الدجال. وقد قيل: إن الفتنَ فيها دونَها في غيرِها.
وقيل: من أجْل فضْلِ مسجدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - والصلاةِ فيه، ومجاورةِ قبرِه - صلى الله عليه وسلم -. ولم يقلْ في هذا الحديث:"ينفي خَبَثَها"، كما قال ذلك في حياتِه للفارِّ عن صُحبتِه وجِوارِه، وقد علِمنا أن جملةَ مَن خرَج بعدَه من أصحابِه لم يكونوا خَبَثًا، بل كانوا دُرَرًا، رضي اللهُ عنهم أجمعين.
(١) وكذا نقل عنه الجوهري في مسند الموطأ ١/ ٥٧٨ بإثر الحديث (٧٧٣)، فذكر أنَّه نقل عن مالك قوله: "يَبُسُّون: يَدْعُونَ".