للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وأمّا قولُ الله عزَّ وجلَّ: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}. فهذه كنايةٌ عن الكُفرِ وتطهيرِ القلبِ منه، ألا ترَى أنه عطَف على ذلك قولَه عزَّ وجلَّ: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: ٥]، يعني: الأوثان، فكيفَ يأمرُه بتطهيرِ الثيابِ قبلَ تركِ عبادةِ الأوثان؟ قالوا: والعربُ تقول: فلانٌ نقيُّ الثوب، وطاهرُ الجَيْب. إذا كان مسلمًا عفيفًا؛ يَكنُون بذلك عن سلامتِه، ولا يُريدُون بذلك غَسْلَ ثوبِه من النجاسة.

قالوا: ويَبعُدُ أن يكونَ الله عزَّ وجلَّ يَعطِفُ النهيَ عن عبادةِ الأوثانِ على تطهيرِ الثيابِ من النجاسات.

قالوا: ودليلُ ذلك أن هذه السُّورةَ نزَلت قبلَ نُزول الشرائع؛ من وضوءٍ وصلاةٍ وغيرِ ذلك، وإنما أُريدَ بها الطهارةُ من أوثانِ الجاهليةِ وشِرْكِها، ومن الأعمالِ الخبيثة.

حدَّثنا عبدُ الوارث (١)، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ دُحيم، قال: حدَّثنا إبراهيمُ (٢)، حدَّثنا إسماعيلُ، قال: حدَّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبة (٣) وعليُّ بنُ عبدِ الله ومحمودُ بنُ خِداش، قالوا: حدَّثنا جريرُ بنُ عبدِ الحميد، عن منصور، عن أبي رَزين في قوله: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}. قال: عملَك أصلِحْه. قال: كان الرجلُ إذا كان حَسَنَ العمل، قيل: فلانٌ طاهرُ الثياب.

قال: وحدَّثنا مُسدَّدٌ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ سعيد، عن ابنِ جُريج، قال: حدَّثنا عطاءٌ، عن ابن عباس قوله: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}. قال في كلام العرب فلان نَقِيّ الثِّياب (٤).


(١) هو عبد الوارث بن سفيان بن جبرون.
(٢) هو إبراهيم بن حمّاد بن إسحاق ابن أخي إسماعيل بن إسحاق القاضي.
(٣) في المصنَّف (٣٦٠٦٦)، ورجال إسناده ثقات. منصور: هو ابن المعتمر.
(٤) أخرجه أبو داود في الزُّهد (٣٤٥)، وابن جرير الطبري في تفسيره ٢٣/ ٤٠٦، وابن المنذر في الأوسط ٢/ ٢٦٠ (٦٨٥)، والحاكم في المستدرك ٢/ ٥٠٦ من طرق عن عبد الملك بن جريج، به. وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>