(٢) وإلى هذا ذهب الجمهور من أهل العلم على أنّ الرواية بالمعنى جائزة، ولهذا نقل ابن رجب الحنبلي عن الترمذي قوله: "فأمّا مَن أقام الإسناد وحفظَه وغيَّر اللفظ،، فإنّ هذا واسعٌ عند أهل العلم، إذا لم يتغيَّر به المعنى". وقد دلّل الترمذي على ذلك بما رواه بأسانيده عن جماعة من الصحابة والتابعين جواز الرواية بالمعنى، فروى بإسناده من حديث مكحول الشامي عن واثلة بن الأسقع قوله: "إذا حدّثناكم على المعنى فحَسْبُكم". ومن طريق أيوب السختياني عن محمد بن سيرين قوله: "كنت أسمع من عشرة، اللفظ مختلفٌ والمعنى واحدٌ"، وعن وكيع بن الجراح قوله: "إن لم يكن المعنى واسعًا، فقد هلك الناس". وقد بيَّن ابن رجب مرادَ الترمذي من هذه الروايات فقال: "مقصود الترمذي بهذا الفصْلِ أنّ مَن أقام الأسانيدَ وحفظَها، وغيَّر المتونَ تغييرًا لا يُغيِّر المعنى أنه حافظٌ ثقةٌ يُعتبر بحديثه. وبنى على ذلك أن رواية الحديث بالمعنى جائزةٌ، وحكاه عن أهل العلم، وكلامُه يُشعر بأنه إجماعٌ، وليس كذلك، بل هو قولُ كثير من العلماء، ونصَّ عليه أحمد، وقال: ما زال الحفّاظُ يُحدِّثون بالمعنى، وإنما يجوز ذلك لمن هو عالمٌ بلُغات العرب، بصيرٌ بالمعاني، عالمٌ بما يُحيل المعنى، وما لا يُحيله. نصَّ على ذلك الشافعي". شرح علل الترمذي ١/ ٤٢٥ - ٤٢٧.