للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثنا خلفُ بنُ أحمد، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ مُطرِّف، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ خالد، قال: حدَّثنا يحيى بنُ عمر، قال: حدَّثنا الحارثُ بنُ مسكين، قال: أخبَرنا يوسفُ بنُ عَمْرو، عن ابنِ وَهْب، قال: سمِعتُ مالكًا وسُئل عن المسائل إذا كان المعنى واحدًا والكلامُ مختلف، فقال: لا بأسَ به إلا الأحاديثَ التي عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.

حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدِ بنِ بشر، قال: حدَّثنا ابنُ أبي دُلَيم (١)، قال: حدَّثنا ابنُ وَضّاح، قال: حدَّثنا زيدُ بنُ البشر، قال: سمِعتُ ابنَ وَهْب يقول: سأل مالكًا رجل، فقال: الكتابُ يُعرَضُ عليك، فينقلبُ به صاحبُه، فيبيتُ عندَه، أيجوزُ أن أحدِّثَ به؟ قال: نعم (٢).

قال أبو عُمر: هذا خلافُ روايةِ أشهب؛ لأنَّ أشهبَ روَى في مثل هذا المعنى: أخشَى أن يُزادَ في كُتبه بالليل. ومحملُ الروايتَين عندي على أن الثقةَ جائزٌ أن يعارَ الكُتبَ، ثم يُحدِّثَ بما استعارَ من ذلك، وأما غيرُ الثقةِ المأمونِ عليها فلا.

وأما الفتنةُ فلها في كلام العرب وجوهٌ كثيرة؛ منها: أن يُفتنَ الرجلُ في دينِه ببَلْوى من سلطانٍ غالب، أو بهوًى يصرفُه عن الصوابِ في الدين، أو بحُبِّ يَشغَلُ قلبَه حتى يركبَ ما لا يحلُّ له، فهذه فتنةٌ تُشرَبُها القلوبُ كما أُشرِبَ بنو إسرائيلَ حبَّ العِجْل وفُتنوا به، والفتنةُ الحرْقُ بالنار، وللفتنةِ وُجوهٌ كثيرة.

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم تُفتَنون في قُبورِكم كفتنةِ الدجّال أو قريبٍ منها" فالفتنةُ هاهنا معناها الابتلاءُ والامتحانُ والاختبار، ومن ذلك قولُ الله عزَّ وجلَّ


(١) هو محمد بن عبد الله بن أبي دُليم، وشيخه ابن وضاح: هو محمد بن وضاح بن بزيع.
(٢) أخرج نحوه الخطيب البغدادي في الكفاية في علم الرواية، ص ٣٠٨ من طريق أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السَّرح المصري عن ابن وهب، به.
وذكره القاضي عياض في ترتيب المدارك وتقريب المسالك ٢/ ٢٧ وقال: "وفي سماع ابن وهب سأل رجلٌ مالكًا ... " فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>