للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكَرَ سُنيدٌ عن إسماعيلَ بنِ عُليّة عن سعيدِ بن أبي عَرُوبةَ، عن قتادةَ، قال: ذُكِر لنا أنّ عذابَ القبر ثلاثةُ أثلاث: ثلثٌ منَ البوْل، وثُلثٌ من الغِيبَة، وثُلثٌ منَ النَّميمة، وهذا لا حُجَّةَ فيه، لأنّه ليس بمُسنَدٍ ولا متَّصل (١)؛ ولا يُحتجُّ بمِثلِه، على أنه يحتمِلُ أن يكونَ عذابُ القبْرِ هاهنا للمُرتابِ بعدَ السُّؤال الذي هو الفتنةُ وسبَبُها - واللهُ أعلم -. ويحتمِلُ أن يكونَ قولُه: "عذاب القبر" بمعنى فتنةِ القبر، فإنها تَؤولُ إلى العذابِ وفيها عذابٌ، والله أعلمُ بحقيقةِ ذلك لا شريكَ له.


(١) أخرجه ابن أبي الدُّنيا في الصَّمْت (١٨٩)، وفي ذمّ الغيبة والنَّميمةِ (٥٢) عن أحمد بن منيع، عن إسماعيل ابن عُليّة، به.
وهو عند البيهقي في إثبات عذاب القبر (٢٣٨) من طريق سعيد بن أبي عَروبة، به.
ويُغني عنه ما ثبت متّصلًا مرفوعًا في الصحيحين وغيرهما من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: مرَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقَبْرين، فقال: "إنّهما ليُعذّبان، وما يُعذّبان في كبير، أمّا أحدُهما فكان لا يستَتِرُ من البوْل، وأمّا الآخرُ فكان يمشي بالنَّميمة" الحديث، ينظر البخاري (٢١٨) و (٦٠٥٢) و (٦٠٥٥)، ومسلم (٢٩٢).
وأمّا الغيبة فقد وقع لها ذكر في سياق حديث أخرجه بإسناد ضعيف الطيالسي في مسنده (٩٠٨)، وأحمد في المسند ٣٤/ ٨٢٧ (٢٠٣٧٣) من طريق الأسود بن شيبان عن بحر بن مَرّار، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وفيه قوله: "وما يُعذّبان إلّا في البوْل والغيبة". وبحر بن مَرّار ضعيف، لكن يُقبل حديثه للاعتضاد كما في تحرير التقريب (٦٣٨)، والغيبة قريب معناها من معنى النميمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>