للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى ابنُ عباس هذا الحديثَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وزاد فيه: "ولا تأكُلْ منها أنت ولا أحدٌ من أهْلِ رُفقتِك" (١). وسنذكرُه هاهنا إن شاء الله (٢).

وفي هذا الحديثِ من الفقهِ أن الهديَ يُقَلَّدُ، وأن التقليدَ من شأنِه وسُنَّتِه، والتقليدُ أن يُعلَّقَ في (٣) عنقِ البَدَنةِ نعْلٌ علامة؛ ليُعرَفَ أنها هَدْيٌ. ورُوِيَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قلَّد هديَه نَعْلَين (٤)، وكذلك كان ابنُ عُمرَ يفعل (٥)، وبه قال الشافعيُّ واستحسَنه (٦). والنَّعْلُ عندي تجزئُ، وهو قولُ مالك، والزُّهريِّ، وجماعة العلماء؟ كلُّهم لا يختلِفون في تقليدِ الهَدْي، ويجزئُ عندَ جميعِهم نعلٌ واحدة.

والذي أجمَعوا عليه من تقليدِ الهدي الإبلُ والبَقَر، واختلَفوا في تقليدِ الغنم؛ فكان مالكٌ وأبو حنيفةَ وأصحابُهم ينكِرون تقليدَ الغنم (٧)، وأجاز تقليدَها الشافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثور (٨)؛ لقول عائشة: كنتُ أُقلِّدُ الغنمَ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - (٩). وهو قولُ عطاءٍ وجماعة (١٠).


(١) في الأصل: "أهل رقيقك"، وهو تحريف، وسيأتي على الوجه بعد قليل.
(٢) سيأتي بإسناد المصنّف مع تخريجه بعد قليل.
(٣) في الأصل: "من".
(٤) سلف تخريجه في أثناء شرح الحديث الثامن لعبد الله بن أبي بكر، به.
(٥) سلف تخريجه في الموضع المشار إليه في التعليق السابق.
(٦) فقال في الأمّ ٢/ ٢٣٧: "والاختيارُ في الهدْي أن يتركه صاحبُه مستَقبل القِبْلة، ثم يُقلِّده نعلين، ثم يُشْعِرُه في الشِّقِّ الأيمن".
(٧) ينظر: المدوّنة ١/ ٤٥٦، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٧٢ - ٧٣.
(٨) ينظر: الأمّ للشافعي ٢/ ٢٣٧، ومسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية لإسحاق بن منصور ٥/ ٢٢٩١ (١٥٧٥)، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٧٣ - ٧٤.
(٩) أخرجه مسلم (١٣٢١) (٣٦٧) من حديث الأسود بن يزيد، عنها رضي الله عنها قالت: "أهدى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مرّة إلى البيت غنمًا، فقلَّدها"، وقد سلف بهذا اللفظ مع تمام تخريجه في أثناء شرح الحديث الثامن لعبد الله بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبد الرحمن.
(١٠) نقله عن عطاء بن أبي رباح وغيره الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٧٤ - ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>