للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سقَطتَ، بعَث رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فلانًا الأسلميَّ، وبعَث معه بثمانِ عَشَرةَ بدَنَةً، فقال: يا رسولَ الله، أرأيتَ إن أزحَف عليَّ منها شيءٌ بالطريق؟ قال: "تنحرُها وتصبُغُ نعْلَها - أو قال: تغمِسُ نعْلَها - في دمِها، فتضرِبُ بها على صفحتِها، ولا تأكُلْ منها أنتَ ولا أحدٌ من أهلِ رُفْقتِك" (١).

وروَى شعبةُ وسعيدُ بنُ أبي عَرُوبة، عن قَتَادة، عن سنانِ بنِ سَلَمة، عن ابنِ عباس، أن ذؤيبًا الخُزاعيَّ حدَّثه، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعَثُ معه بالبُدْنِ ثم يقول: "إذا عَطِبَ شيءٌ منها فخشِيتَ عليه موتًا، فانحَرْهُ، ثم اغْمِسْ نعَلْه في دَمِه، ثم اضْرِبْ صفْحَته، ولا تَطعَمْ منها ولا أحدٌ من أهلِ رُفْقتِك" (٢).

قال أبو عُمر: قوله: "ولا أحدٌ من أهلِ رُفْقتِك". لا يوجدُ إلا في حديثِ ابنِ عباسٍ هذا بهذا الإسنادِ عن موسى بن سَلَمةَ وسنانِ بنِ سَلَمة، وليس ذلك في حديثِ هشام بن عُروة، عن أبيه، عن ناجية، وهذا عندَنا أصحُّ من حديثِ ابنِ عباسٍ عن ذؤيب، وعليه العملُ عندَ الفقهاء، ومن جهةِ النظرِ أهلُ رُفْقتِه وغيرُهم في ذلك سواءٌ، ويدخلُ في قولِه عليه السلام: "وخَلِّ بينَ الناسِ وبينَه يأكُلونه". أهلُ رُفقتِه وغيرُهم.

وأمّا الضمانُ على مَن أكَل من هدْيِه التطوُّع وإن لم يكنْ موجودًا في الحديثِ المسند، فإن ذلك عن الصحابةِ والتابعين، وعليه جماعةُ فقهاءِ الأمصار.


(١) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٧٢ (٢١٨٩)، وأبو داود (١٧٦٣)، وابن حبّان في صحيحه ٩/ ٣٣٢ (٤٠٢٤) من طرق عن حمّاد بن زيد، به. ورجال إسناده ثقات. أبو التّيّاح: هو يزيد بن حُميد الضُّبعي، وموسى بن سلمة: هو ابن المُحَبِّق.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٢٩/ ٤٨٨ (١٧٩٧٤)، ومسلم (١٣٢٦)، وابن ماجة (٣١٠٥) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>