للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبراهيمُ بن مسلم بن أبي حُرَّةَ، عن عبد الله بن عباس، قال: ما نَدِمتُ على شيءٍ لم أكنْ عَمِلْتُ به؛ ما نَدِمتُ على المشي إلى بيتِ الله ألّا أكونَ مشَيتُ؛ لأني سمعتُ الله عزَّ وجلَّ يقولُ حين ذكر إبراهيمَ وأمَرَه أن يُناديَ في الناس بالحجِّ، قال: {يَأْتُوكَ رِجَالًا} [الحج: ٢٧] (١). فبدأ بالرِّجال قبلَ الرُّكبان. فهذا ابنُ عباسٍ قد صرَّحَ بأنّ الواوَ تُوجِبُ عندَه القَبلَ والبَعدَ والتَّرتيبَ.

وأخبرنا خلفُ بن القاسم، قال: أخبرنا عبدُ الله بن جعفرِ بن الوَردِ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن محمد بن سلّام، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ بن أبي العوّام، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا أيوبُ بن مُدركٍ، عن أبي عُبيدةَ، عن عونِ بن عبد الله، في قوله عزّ وجلّ: {وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: ٤٩]. قال: ضَجَّ والله القومُ من الصِّغار قبلَ الكبار. فهذا أيضًا مثلُ ما تقدَّمَ عن ابن عباسٍ سواءً (٢).

قالوا: وليس الصلاةُ والزكاةُ في التَّقدمَة في معنى هذا الباب في شيءٍ؛ لأنهما فرضَان مختلفان؛ أحدُهما في مالٍ، والثاني في بَدَنٍ، وقد يجِبُ الواحدُ على مَن لا يجبُ عليه الآخَرُ، وكذلك الدِّيةُ والرَّقبةُ شيئان لا يُحتاجُ فيهما إلى الرُّتبة. وأما الطهارةُ ففرضٌ واحدٌ مرتبطٌ بعضُه ببعض كالرُّكوعِ والسُّجود، وكالصَّفا والمَرْوةِ اللذيْن أُمِرْنا بالتَّرتيبِ فيهما.


(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبير ٦/ ٣٢٦ (ط. الخانجي) عن محمد بن الوليد الأزرقي، عن غطاف، به. وإسناده ضعيف، لجهالة إبراهيم بن مسلم بن أبي حرة، فقد تفرد بالرواية عنه عطاف بن خالد المخزومي، ولم يذكره في الثقات سوى ابن حبان ٤/ ١٠ وذكره فيه شبه لا شيء. وينظر: تاريخ البخاري الكبير ١/ ٣٢٦ (١٠٢١)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٢/ ١٣٢ (٤٢٠).
(٢) لم نقف عليه من هذا الوجه. وأشار ناسخ الأصل في الحاشية أنه كان في النسخ: "من الصغار والكبار"، وقال: "صوابه من الصغار قبل الكبار، كذا روي في الحديث، وبذلك صح الاحتجاج". قال بشار: كذا قال، وجاء في ف ١، ق، ج على الوجه كما أثبتنا فكيف يقال أنه كذا في النسخ؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>