للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: "تُقبلُ بأربع وتُدبرُ بثمان" فالذي ذكَر حبيبٌ عن مالكٍ هو كذلك أو قريبٌ منه، وإنما وصَف امرأةً لها في بطْنِها أربعُ عُكَن، فإذا بلَغت خِصْرَيها صارت أطرافُ العُكَن ثمانيًا؛ أربعًا من هاهنا، وأربعًا من هاهنا، فإذا أقبَلت إليك واستقبَلتك ببَطْنِها، رأيتَ لها أربعًا، فإذا أدبرَتْ عنك صارتْ تلك الأربعُ ثمانيًا من جهةِ الأطرافِ المجتمعة، وهكذا فسَّره كلُّ مَن تكلَّم في هذا الحديث، واستشهد عليه بعضُهم بقولِ النابغةِ في قوائم ناقتِه:

على قَصَباتٍ بينَما هُنَّ أربعٌ ... أُنَخْنَ لتعريسٍ فعُدْنَ ثمانيَا (١)

يعني أن هذه الناقةَ إذا رفَعت قوائمَها أربعٌ، فإذا أُنيْخَت قوائمُها وانطوَت صارت ثمانيًا.

وقد رُوِيَ هذا الخبرُ عن سعدِ بنِ أبي وقّاص بخلافِ هذا اللفظ:

حدَّثنا سعيدُ بنُ نصر، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا ابنُ وَضّاح (٢)، قال: حدَّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبة، قال (٣): حدَّثنا بكرُ بنُ عبدِ الرحمن، قال: حدَّثنا عيسى بنُ الختار، عن ابنِ أبي ليلى، عن عبد الكريم، عن مجاهد،


(١) البيت في تفسير غريب الموطأ ٢/ ٥٥.
(٢) هو محمد بن وضّاح بن بزيع.
(٣) في كتاب الأدب له (٢١٧)، وعنه أبو يعلى في مسنده ٢/ ١٠٢ (٧٥٨).
وأخرجه الدَّوْرقيُّ في مسند سعد بن أبي وقّاص (٣٥) عن بكر بن عبد الرحمن، به.
وأخرجه البزار في مسنده ٣/ ٢٩١ (١٠٨٣) عن محمود بن بكر بن عبد الرحمن عن أبيه، به. وإسناده ضعيف لأجل ابن أبي ليلى: وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، فهو ضعيفٌ عند التفرد ضعّفه يحيى بن سعيد وأحمد بن حنبل وشعبة وابن معين وغيرهم، وحسّن القول فيه بعضُهم، وأحسنُ ما قيل فيه هو قول أبي حاتم: "محلُّه الصِّدق، كان سيئّ الحفظ، شُغل بالقضاء فساءَ حِفْظُه، لا يُتَّهم بشيءٍ من الكذب، إنما يُنكر عليه كثرة الخطأ"، وشيخه عبد الكريم: هو ابن أبي المخارق، أبو أميّة المعلّم البصري: ضعيف. ينظر: تحرير التقريب (٦٠٨١) و (٤١٥٦)، وباقي رجال الإسناد ثقات. بكر بن عبد الرحمن: هو ابن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، القاضي، ويقال له: بكر بن عُبيد، ومجاهد: هو ابن جبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>