للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبرنا عبدُ الله بنُ محمد، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بكر، قال: حدَّثنا أبو داود، قال (١): حدَّثنا أحمدُ بنُ السَّرْح، قال: أخبرنا ابنُ وَهْب، قال: أخبرني مالكٌ، قال: قال هشام: العِرْقُ الظالمُ: أن يغرِسَ الرجلُ في أرضِ غيرِه ليستحِقَّها بذلك.

قال مالكٌ: والعِرْقُ الظالمُ كلُّ ما أُخِذ واحتُفِر وغُرِس في غير حقٍّ.

قال أبو عُمر: لم يُختلَفْ فيما ذكَره مالكٌ من الأعيانِ المغْصُوبات، وكذلك عندَ مالكٍ مَن غَصَبَ أرضًا فزرَعها أو اكْتَراها، أو غَصَبَ دارًا فسكَنها أو أكْراها، ثم استحقَّها ربُّها، أن على الغاصبِ كِراءَ ما سكنَ، وردَّ ما أخَذ في الكِراء (٢).

واختَلف قولُه إذا غَصَبها فلم يسكُنْها، ولم يَزْرع الأرضَ وعَطَّلها، فالمشهورُ من مذهبِه أنه ليسَ عليه فيما لم يَسكُنْ ولم يُكْرِ ولم يَزْرَعْ شيءٌ (٣).

وقد رُوِيَ عنه أن عليه كراءَ ذلك كلِّه. واختاره الوقارُ (٤)، وهو مذهبُ الشافعيِّ (٥). ومن حُجَّتِه قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "ليس لعِرْقٍ ظالمٍ حقٌّ".

وأمّا العُروضُ والحيوانُ والثيابُ، فليس هذا البابُ موضعَ ذكرِ شيءٍ من ذلك.

قال أبو عُمر: أجمع العلماءُ على أن ما عُرِف ملكًا لمالكٍ غيرِ منقطع، أنه لا يجوزُ إحياؤُه وملكُه لأحدٍ غيرِ أربابه، إلا أنهم اختلَفوا في إحياءِ الأرضِ المواتِ بغيرِ أمرِ السلطان:


(١) في سننه (٣٠٧٨)، ابن وهب: هو عبد الله بن وهب المصري.
(٢) نقله عن مالك ابن القاسم كما في المدوّنة ٤/ ١٨٢.
(٣) ينظر: المدوّنة ٣/ ٤٨٧، والتهذيب في اختصار المدوّنة للقيرواني ٤/ ٨٩ (٣٥٤٥)، والتاج والإكليل لمختصر خليل لأبي القاسم العبدري ٧/ ٣٢٠.
(٤) هو محمد بن زكريا بن يحيى الوقار المصريّ، المالكي.
(٥) نصَّ على ذلك في الأمّ ٣/ ٢٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>