للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المزنيُّ (١): عن الشافعيِّ: بلادُ المسلمين شيئان، عامرٌ ومَواتٌ، فالعامرُ لأهلِه، وكلُّ ما أُصْلِحَ به العامِرُ، من طريق، وفِناء، ومَسيلِ ماء، وغيرِه، فهو كالعامرِ في أن لا يُملكُ على أهلِه إلا بإذنهم، والمواتُ شيئان، مواتٌ قد كان عامرًا لأهلِه معروفًا في الإسلام، ثم ذهبَت عِمارتُه فصار مواتًا، فذلك كالعامرِ لأهلِه، لا يُملكُ إلّا بإذنهم، والمواتُ الثاني: ما لم يملِكْه أحدٌ في الإسلام يُعرَفُ، ولا عِمارةَ مِلْكٍ في الجاهلية إذا لم يُملَكْ، فذلك المواتُ الذي قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أحْيا أرضًا ميِّتةً فهيَ له"، و"مَن أحْيا مواتًا فهو له".

قال (٢): والإحياءُ ما عرَفه الناسُ إحياءً لمثلِ المُحْيا، إن كان مسكنًا، فبأنْ يَبْني بناءً مثلِه أو ما يقرُب.

قال (٣): وأقلُّ عمارةِ الأرض الزرعُ فيها، والبئرُ يحفَرُ، ونحوُ ذلك (٤).

قال (٥): ومَن اقتطَع أرضًا وتحجَّرها فلم يعمُرْها، رأيتُ للسلطانِ أن يقولَ له: إن أحييتَها، وإلا خَلَّينا بينَها وبينَ مَن يُحْييها. فإن تأجَّله رأيتُ أن يفعل.

قال أبو عُمر: مَن رأى التَّحجيرَ إحياءً، فحُجَّتُه ما رواه شعبةُ وغيرُه من أصحابِ قتادة، عن قتادة، عن الحسن، عن سَمُرة، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن


(١) في مختصره ٨/ ٢٢٩ - ٢٣٠.
(٢) في مختصره ٨/ ٢٣١.
(٣) في مختصره ٨/ ٢٣١.
(٤) عبارته هي: "وأقل عمارة الزرع التي تمُلك به الأرضُ أن يجمع ترابًا يحيط بها تتبين به الأرض من غيرها، ويَجْمعُ حرثَها وزرعَها، وإن كان له عين ماء أو بئر حفرها أو ساقه من فهر إليها فقد أحياها".
(٥) مختصره ٨/ ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>