للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الحديثُ وإن كان ثابتَ الإسنادِ عندَهم (١) صحيحًا، فإنّ العلماءَ قد أجمَعوا على أنّه لم يكنْ لغيرِ عُذْرٍ وضرورةٍ.

واختَلفُوا في العُذْرِ؛ فقال سعيدُ بن جبيرٍ وطائفةٌ: كان شاكيًا - صلى الله عليه وسلم - (٢).

وقال آخرون: بل كان ذلك منه لشدَّةِ ما غَشِيَه من السّائلينَ ليُشْرِفَ لهم ويُعلِّمَهم ويُفَهِّمهم، وذلك في حين طَوافِه بالبيت، لا بين الصَّفا والمروة.

وقد وَهِم فيه ابنُ جريجٍ حين ذكَر فيه الصَّفا والمروةَ؛ لأنّ ذلك كان منه في طوافِ الإفاضةِ، واللهُ أعلمُ.

وحديثُ ابن جريج حدَّثناه عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (٣): حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، قال (٤): حدَّثنا يحيى، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنّه سَمِعَ جابرَ بن عبد الله يقولُ: طاف النبيُّ عليه السلام في حَجَّةِ الوداع على راحلَتِه بالبيتِ وبين الصَّفا والمروة؛ ليَراه الناسُ وليسألُوه، فإنّ الناسَ غَشُوه.

قال أبو عُمر: قولُه في هذا الحديث: وبين الصَّفا والمروة. تدفَعُه الآثارُ المتواترةُ عن جابرٍ بمثل رواية مالكٍ هذه؛ لأنّ قولَه: "انصبَّت قَدَماه في بَطْنِ المَسِيل" يدفَعُ أنْ يكونَ راكبًا.

أخبرنا محمدُ بن إبراهيمَ، قال أخبرنا محمدُ بن معاويةَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن شُعَيبٍ، قال (٥): حدَّثنا يعقوبُ بن إبراهيمَ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدَّثنا


(١) في ف ١: "عنهم".
(٢) ذكره الشافعي في الأم ٢/ ١٧٤.
(٣) أبو داود (١٨٨٠).
(٤) مسند الإمام أحمد ٢٢/ ٣٠٧ (١٤٤١٥).
(٥) في الكبرى (٣٩٦٤)، وهو في المجتبى ٥/ ٢٤٣، وهو قطعة من حديث جابر المشهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>