للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعفرُ بن محمد، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا جابرٌ، أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نزَلَ - يعني على الصَّفا - حتى إذا انصبَّت قدَماه في الوادي رمَلَ، حتى إذا صَعِد مَشَى.

والوجهُ عند أهلِ العلم في طوافِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - راكبًا أنّه كانَ في طوافِ الإفاضَةِ، وحينئذٍ ألَظَّ (١) الناسُ به يَسألونَه، وفي حديث طاوسٍ بيانُ ذلك.

روَى ابنُ عيينةَ، عن عبد الله بن طاوسٍ، عن أبيه، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ أصحابَه أن يُهَجِّرُوا بالإفاضة، وأفاضَ في نِسائه ليلًا، فطافَ على راحلتِه (٢).

وفي حديثِ أمِّ سَلَمة أنّها اشتكَتْ يومئذٍ، فقال لها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "طُوفي راكبةً من وراءِ الناس" (٣).

وممّا يدُلُّ على كَراهة الطَّوافِ راكبًا من غير عُذْرٍ، أنِّي لا أعلمُ خلافًا بين علماءِ المسلمين أنّهم لا يستحبُّون لأحدٍ أن يطوفَ بين الصَّفا والمروة على راحلةٍ راكبًا، ولو كان طَوافُه راكبًا لغيرِ عُذْرٍ لكان ذلك مُستحَبًّا عندَهم أو عندَ مَن صَحَّ عندَه ذلك منهم.

وقد رَوَينا عن عائشةَ، وعروةَ بن الزبير، كراهيةَ أنْ يطوفَ أحد بين الصَّفا والمَرْوة راكبًا (٤)، وهو قولُ جماعةِ الفقهاء.

فأمّا مالكٌ فلا أحفَظُ له فيه نصًّا، إلّا أنّه قال: مَن طاف بالبيت محمولًا أو راكبًا من غير عُذْرٍ لم يُجْزِئْه، وأعادَ (٥).

وكذلك السَّعيُ بين الصَّفا والمروة عندي في قوله، بل السَّعيُ أوكَدُ ماشيًا؛ لِما ورَد فيه من اشتِدَادِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سَعْيِه ماشِيًا على قدَمَيْه.


(١) أي: لزمه الناس يسألونه (النهاية ٤/ ٢٥٢).
(٢) مرسل، أخرجه الشافعي في الأم ٢/ ١٧٤، ٢١١، والبيهقي في الكبرى ٥/ ١٠١ من طريق الشافعي.
(٣) الموطأ ١/ ٤٩٧ (١٠٨٤)، وهو عند البخاري (٤٦٤) من طريق مالك.
(٤) نهي عروة عن الطواف راكبًا في الموطأ ١/ ٥٠١ (١٠٩٣)، وهو من رواية هشام بن عروة عن أبيه.
(٥) تنظر المدونة ١/ ٤٢٥ - ٤٢٦، بهذا المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>