للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولوجوبِ المُواساةِ عندَ الشدَّةِ ارتفَعَ عندَ أهلِ العلم قطْعُ السارقِ إذا سرَق شيئًا من الطعام في عام سَنَة (١)، واللهُ أعلم. وفي جَمْعِ الأزوادِ بركةٌ وخيرٌ، وقد ذكَرنا في معنى الزادِ في السفرِ ما فيه مَقْنعٌ في باب يحيى بنِ سعيد، عن بُشيرِ بنِ يسار (٢).

وفيه أكْلُ مَيتةِ البحرِ من دوابِّه وغيرِها؛ لأنَّ دوابَّه إذا جاز أكلُها ميِّتةً فسَمَكُه أوْلى بذلك؛ لأنَّ السَّمكَ لم يُختلَفْ في أكلِه، واختُلِف في أكلُها الدوابِّ منه؛ فكان أبو حنيفةَ وأصحابُه، والحسنُ بنُ حيٍّ، يقولون (٣): لا يُؤكَلُ من حيوانِ البحرِ شيءٌ إلا السمكَ ما لم يكنْ طافيًا، فإذا كان طافيًا لم يؤكَلْ أيضًا.

وقال ابنُ أبي ليلى، ومالك، والأوزاعيُّ، والليثُ، والشافعيُّ: لا بأسَ بأكلِ كلِّ ما في البَحْر؟ سَمَكًا كان أو دابّةً. وهو أحدُ قولي الثوريِّ (٤).

وروَى أبو إسحاقَ الفَزاريُّ، عن الثوريِّ (٥): أنه لا يؤكَلُ من صيدِ البحرِ إلا السمكُ.

وقال الشافعيُّ (٦): ما يعيشُ في الماءِ حَلّ أكلُه، وأخذُه ذكاتُه، ولا يحتاجُ إلى ذكاتِه. وقد ذكَرنا هذه المسألةَ مجوَّدةً ممهَّدةً في بابِ صفوانَ بنِ سُليم (٧)، وأتينا فيها من أقاويل العلماءِ بأكثرَ مما ذكَرنا هاهنا.


(١) أي: في عام جَدْبٍ وقحطٍ. ينظر: اللسان (سنه).
(٢) في أثناء شرح الحديث التاسع عشر له، وهو في الموطأ ١/ ٦١ (٥٥)، وقد سلف مع تمام تخريجه في موضعه.
(٣) في الأصل: "يقولان"، والمثبت من ي ٢، وهو الأوفق.
(٤) نقله عنهم الطحاويُّ في مختصر اختلاف العلاء ٣/ ٢١٤.
(٥) كما في مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٢١٤.
(٦) في الأمّ ١/ ١٨.
(٧) سلف ذلك في أثناء شرح الحديث الثاني له عن سعيد بن سلمة، وهو في الموطأ ١/ ٥٥ (٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>