للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: يكفي في ذمِّ الغيبةِ قولُ الله عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} [الحجرات: ١٢].

قال الشاعر (١):

احذَرِ الغِيبةَ فَهْي الْـ .. ـفِسقُ لا رُخْصةَ فيهِ

إنَّما المُغْتابُ كالآ .. كِلِ مِنْ لحمِ أخيهِ

وروَى ابنُ عُليّة (٢)، عن يونسَ بنِ عُبيد، عن محمدِ بنِ سيرين، قال: ظُلْمٌ لأخيك المسلم أن تقولَ أسوأَ ما تعلَمُ فيه.

وعن الحسَن البَصْريِّ أنَّه سأله رجلٌ فقال: يا أبا سعيد، اغتبتُ فلانًا وأنا أُريدُ أن أستحِلَّه؟ فقال: لم يكفِك أن اغتبتَه حتى تُريدَ أن تبهتَه!

وعن قُتيبةَ بنِ مُسلم أنَّه سَمِعَ رجلًا يغتابُ آخرَ، فقال: أمسِكْ عليك، فوالله لقد مضَغْتَ مُضغةً طالما لفظَها الكِرام (٣).

وعن عُتبةَ بنِ أبي سُفيانَ أنه قال لابنه عَمْرو: إياك واستماعَ الغِيبة، نزِّهْ سمعَك عن الخَنا (٤)، كما تنزِّهُ لسانَك عن البَذا، فإن المستمعَ شريكُ القائل، وإنما نظَر إلى أخبثِ ما يكونُ في وعائه، فألقاها في وعائك.


(١) وهو إسماعيل بن عباد بن العباس، أبو القاسم الطالقاني، المشهور بالصاحب ابن عبّاد، والبيتان في التمثيل والمحاضرة للثعالبي، ص ١٢٣، وبهجة المجالس للمصنّف ١/ ٣٩٨، وغرر الخصائص الواضحة لأبي إسحاق برهان الدين محمد بن إبراهيم المعروف بالوطواط، ص ٨٦.
(٢) هو إبراهيم بن إسماعيل.
(٣) أخرجه ابن أبي الدُّنيا في ذمّ الغيبة (١٦٢)، وفي الصمت (٢٩٨)، والدينوري في المجالسة ٥/ ٣٠٥ (٢١٧٢) عن طريقين عن قتيبة بن سعيد، به.
(٤) الخنا: الفُحْش. اللسان (خنا).

<<  <  ج: ص:  >  >>