للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوم خرَج من هذا البيت، فمرَّ برجُلَين أعرِفُهما وأعرِفُ أنسابَهما، فقال: عليكُما لعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أجمعين؛ فإنَّكما لا تُؤمنان باللّه ولا باليوم الآخر. فقلت: أجلْ يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعليهما لعنةُ الله والملائكةِ والناس أجمعين، فما ذنْبُهما؟ قال: ذنْبُهما أنّهما يأكُلانِ لُحومَ الناس.

قال أبو عُمر: يصحِّحُ هذا قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "مَن كان يُؤمنُ بالله واليوم الآخر فليقُلْ خيرًا أو ليسكُتْ" (١). وهذا وما كان مثلَه إنما معناه نقصانُ الإيمانِ وعدمُ كمالِه، لا الكفرُ، وقد بيَّنَّا مثلَ هذا في غيرِ موضع. والحمدُ لله.

أخبرنا عبدُ الرحمن (٢)، قال: حدَّثنا عليٌّ، قال: حدَّثنا أحمدُ، قال: حدَّثنا سُحْنون، قال: حدَّثنا ابنُ وَهْب (٣)، عن ابنِ لَهِيعة، قال: أخبَرني سُليمانُ بنُ كَيْسانَ، قال: كان عمرُ بنُ عبدِ العزيز إذا ذُكِر عندَه رجلٌ بفضل أو صَلاح، قال: كيفَ هو إذا ذُكِر عندَه إخوانُه؟ فإن قالوا: إنه ينتقِصُهم وينالُ منهم. قال عُمر: ليس هو كما تقولون. وإن قالوا: إنه يذكُرُ منهم جميلًا وخيرًا، ويُحسِنُ الثناءَ عليهم. قال: هو كما تقولون إن شاء الله.


(١) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٥١٨ (٢٦٨٧) عن سعيد بن أبي سعيد المقبُريّ، عن أبي شُريح الكعبي، وهو الحديث الأوّل لسعيد بن أبي سعيد المقبُري، وقد سلف مع تمام تخريجه في موضعه.
(٢) هو عبد الرحمن بن يحيى بن محمد، أبو زيد العطار، وشيخه عليّ: هو ابن محمد بن مسرور الدبّاغ، وشيخه أحمد: هو ابن أبي سليمان، أو ابن داود، ويُعرف بالصوّاف مولى ربيعة، من مقدَّمي رجال سُحنون: وهو عبد السلام بن سعيد بن حبيب التَّنُوخي، وسُحنون لقبُه.
(٣) في جامعه (٣٨٨). وإسناده إلى عمر بن عبد العزيز صحيح، ابن لهيعة: هو عبد الله المصري، حديثه صحيح من رواية عبد الله بن وَهْب، وسليمان بن كيسان: هو أبو عيسى الخراساني، قال ابن القطان: "لا يُعرف حالُه" وتعقّبه الذهبي في ميزان الاعتدال ٤/ ٥٦٠ (١٠٤٩٤) بقوله: "قلت: ذا ثقة، روى عنه حيوة بن شريح، وسعيد بن أيوب، وابن لهيعة وجماعة. سكن مصر، ووثقه ابن حبان". وقال ابن حجر في التقريب (٨٢٩٥): "مقبول".

<<  <  ج: ص:  >  >>