للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد علِمْتُ أيةَ ساعةٍ هي، فقال أبو هريرة: أخبِرْني بها، ولا تضَنَّ عليَّ، فقال عبدُ الله بنُ سَلَام: هي آخِرُ ساعةٍ في يوم الجُمعة. قال أبو هريرة: فقلت: كيف تكونُ آخِرَ ساعةٍ في يوم الجُمعة، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُصادِفُها عبدٌ مُسلمٌ وهو يُصلِّي؟ وتلكَ الساعة لا يُصلَّى فيها؟ فقال عبدُ الله بنُ سَلَام: ألمْ يقُل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ جلسَ مجلسًا ينتظرُ الصَّلاةَ فهو في صلاةٍ حتَّى يُصلِّي قال أبو هريرة: فقلت: بلى، قال: فهو ذلك.

قال أبو عُمر: لا أعلمُ أحدًا ساقَ هذا الحديثَ أحسنَ سِياقةً من مالكٍ عن يزيدَ بن الهادِ، ولا أتمَّ معنًى منه فيه، إلّا أنه قال فيه: "بَصْرَةَ بنَ أبي بَصْرَةَ" ولم يُتابعْهُ أحد عليه، وإنّما الحديثُ معروفٌ لأبي هريرة: "فلَقِيتُ أبا بَصْرَةَ الغِفاريَّ"، كذلك رواه يحيى بنُ أبي كثيرٍ عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة (١)، وكذلك رواه سعيدُ بنُ المسيِّبِ وسعيد المقبُريُّ عن أبي هريرة - كلُّهم يقولُ فيه: "فلَقِيتُ أبا بَصْرَةَ الغِفاريَّ" لم يقُلْ واحد منهم: "فلَقِيتُ بَصْرَةَ بنَ أبي بَصْرَةَ" (٢) كما في حديث مالكٍ عن يزيدَ بنِ الهادِ، وأظُنُّ الوهمَ فيه جاء مِنْ قِبَل مالك، أو من قِبَلِ يزيدَ بنِ الهادِ، واللهُ أعلم (٣).


(١) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ٢/ ٥٧ (٥٨٦).
(٢) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٣/ ١٢٣ - ١٢٤، ويعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ ٢/ ٢٩٤ - ٢٩٥، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٢/ ٢٤٩ (١٠٠٢)، وأبو يعلى في مسنده ١١/ ٤٣٥ (٦٥٥٨)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٢/ ٥٥ (٥٨٢) و ٢/ ٥٦ (٥٨٤) و (٥٨٥)، والطبراني في الكبير ٢/ ٢٧٦ (٢١٥٧) و (٢١٥٨) و (٢١٥٩). ووقع عند بعضهم "حُميل بن بصرة" وعند البعض الآخر "جميل بن بصرة"، وبعضهم ذكر كنيته أبا بصرة مع اسمه.
(٣) ومثل هذا قال في الاستيعاب ١/ ١٨٤ (٢١٧)، ومما قاله هناك: "فإنّ هذا الحديث لا يوجد هكذا إلّا في الموطأ لبَصْرة بن أبي بَصْرة، وإنما الحديث لأبي هريرة: فلقيت أبا بصرة؛ يعني أباه"، وكلامه هذا احتمل خطأين: الأول: ذِكْرُه أنّ قوله: "بصرة بن أبي بصرة، لم يقع إلّا في الموطأ"، والثاني: يتعلق بنسبة الوهم فيه إلى مالك. =

<<  <  ج: ص:  >  >>